للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأنَّ «حتى» للابتداء إذا كان بعدها إذا إلَّا قوله: «حتى إذا بلغوا النكاح»؛ فإنَّها لانتهاء الابتداء، وجواب إذا قوله: «جاءتها ريح».

{مِنْ كُلِّ مَكَانٍ} [٢٢] حسن، ومثله «له الدين»، لأنَّ «دعوا الله» جواب سؤال مقدر، كأنَّه قيل: فما كان حالهم في تلك الشدة؟ قيل: دعوا الله، ولم يدعوا سواه.

{مِنَ الشَّاكِرِينَ (٢٢)} [٢٢] كاف، ومثله «بغير الحق».

{عَلَى أَنْفُسِكُمْ} [٢٣] تام لمن قرأ: «متاعَ» بإضمار مبتدأ محذوف تقديره: هو متاع، أو ذلك متاع، وكذا لو نصب بمحذوف، أي: تبغون متاع، أو رفع «بغيكم» على الابتداء، و «على أنفسكم» في موضع الخبر، وفيه ضمير عائد على المبتدأ تقديره: إنما بغيكم مستقر على أنفسكم، وهو متاع، فـ «على» متعلقة بالاستقرار، وكذا لو رفع «بغيكم» على الابتداء، والخبر محذوف تقديره: إنَّما بغيكم على أنفسكم من أجل متاع الحياة مذموم، وليس بوقف إن رفع خبرًا عن قوله: «بغيكم»، و «على أنفسكم» متعلق بالبغي، فلا ضمير في قوله: «على أنفسكم»؛ لأنَّه ليس بخبر المبتدأ، فهو ظرف لغو، أو نصب «متاع» بـ «بغيكم»، أو نصب على أنه مفعول من أجله، أي: من أجل متاع، وبالنصب قرأ حفص عن عاصم؛ على أن «متاعَ» ظرف زمان، أي: زمن متاع، وقرأ باقي السبعة: «متاعُ» بالرفع (١).

{تَعْمَلُونَ (٢٣)} [٢٣] تام، ولا وقف من قوله: «إنَّما مثل» إلى «والأنعام»، فلا يوقف على قوله: «فاختلط»، وزعم يعقوب الأزرق أنه هنا، وفي الكهف تام؛ على استئناف ما بعده جملة مستأنفة من مبتدأ وخبر، وفي هذا الوقف شيء من جهة اللفظ والمعنى، فاللفظ أن «نبات» فاعل بقوله: «فاختلط» أي: فنبت بذلك المطر أنواع من النبات يختلط بعضها ببعض، وفي المعنى تفكيك الكلام المتصل الصحيح، والمعنى الفصيح، وذهاب إلى اللغو والتعقيد.

{وَالْأَنْعَامُ} [٢٤] حسن؛ لأنَّ «حتى» ابتدائية تقع بعدها الجمل، كقوله:

فما زالت القتلى تمجُّ دماءَها ... بِدِجلةَ حتَّى ماءَ دجلةَ أشكلَ (٢)


(١) وجه من قرأ: {مَتَاعَ الْحَيَاةِ} بالنصب على المصدر، والمعنى: تمتعون متاع الحياة الدنيا، ومن رفعها، إما أن تكون خبر لمبتدأ محذوف والتقدير: ذلك متاع، وإما أن تكون {مَتَاعَ} خبر لقوله: {إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ}. انظر هذه القراءة في: إتحاف الفضلاء (ص: ٢٤٨)، الإملاء للعكبري (٢/ ١٥)، البحر المحيط (٥/ ١٤٠)، المعاني للفراء (١/ ٤٦١)، الحجة لأبي زرعة (ص: ٣٣٠)، الكشف للقيسي (١/ ٥١٦)، النشر (٢/ ٢٨٣).
(٢) البيت من الطويل، وقائله جرير، ولفظه كما ورد بالموسوعة الشعرية:
وَما زالَتِ القَتلى تَمورُ دِماؤُها ... بِدِجلَةَ حَتّى ماءَ دِجلَةَ أَشكَلُ

والبيت من قصيدة يقول في مطلعها:
أَجِدَّكَ لا يَصحو الفُؤادُ المُعَلَّلُ ... وَقَد لاحَ مِن شَيبٍ عِذارٌ وَمِسحَلُ

جرير: (٢٨ - ١١٠ هـ/٦٤٨ - ٧٢٨ م) جرير بن عطية بن حذيفة الخطفي بن بدر الكلبي اليربوعي، أبو حزرة، من تميم، أشعر أهل عصره، ولد ومات في اليمامة، وعاش عمره كله يناضل شعراء زمنه ويساجلهم فلم يثبت أمامه غير الفرزدق والأخطل، كان عفيفًا، وهو من أغزل الناس شعرًا.-الموسوعة الشعرية

<<  <  ج: ص:  >  >>