للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سورة الذَّاريات

مكية

-[آيها:] ستون آية.

ولا وقف من أوَّلها إلى: «إنَّما توعدون لصادق»، والواو في: «والذّاريات «للقسم، وما بعدها للعطف، وجواب القسم: «إنَّما توعدون لصادق»، وهو: تام، وحكي عن سيبويه أنَّه سأل الخليل بن أحمد لِمَ لَمْ تكن الواو التي بعد واو القسم كواو القسم؟ فأجابه بقوله: لو كانت قسمًا لكان لكل واحدة من الواوات جواب، فلذلك صارت هذه الأشياء قسمًا في أوائل السور وإن طال النسق، فلو قلت: والله لا أكلم زيدًا غدًا ولا أرافقه ولا أشاركه ولا أبيعه، من غير إعادة لفظ الجلالة، ثم فعلت جميع ذلك، فكفارة واحدة بالفعل الأوَّل، ولا شيء عليك فيما بعده؛ لأنَّ المعطوف على القسم من غير إعادة لفظ الجلالة غير قسم، وشرط التمام في «لصادق» أن يجعل ما بعده مستقبلًا، وليس بوقف إن عطف على ما قبله وداخلًا في الجواب، ومن تتمته لأنَّ شأن القسم إذا ابتدئ به لابدَّ أن يكون له جواب، وأما لو توسط نحو: ضرب والله زيد، أو تأخر نحو: ضرب زيدٌ عمرًا والله، فلا يحتاج إلى جواب.

{لَوَاقِعٌ (٦)} [٦] تام؛ إن جعل ما بعده مستأنفًا قسمًا ثانيًا، فيكون قد أقسم: بالذَّاريات فالحاملات فالجاريات فالمقسمات، فجعل مجموعها قسمًا واحدًا، وفصّل أبو حيان حيث قال: والَّذي يظهر أنَّ المقسم به شيئان، فإنَّ العطف بالواو أشعر بالتغاير، وإن جاء بالفاء، دل على أنَّها لموصوف واحد كقوله: «والعاديات ضبحًا * فالموريات قدحًا * فالمغيرات صبحًا» فهي راجعة إلى «العاديات»، وهي: الخيل، انظره في المرسلات. وليس بوقف إن جعل ما بعده داخلًا في جواب القسم، والقسم الثاني في قوله: «والسماء ذات الحبك» وجوابه: «إنَّكم لفي قول مختلف»، و «مختلف» ليس بوقف إن جعل «يؤفك» في موضع جر صفة لقول، وإن جعل مستأنفًا حسن الوقف على «مختلف».

{مَنْ أُفِكَ (٩)} [٩] تام على الوجهين.

{سَاهُونَ (١١)} [١١] ليس بوقف؛ لأنَّ «يسألون» صفة «الذين» و «أيَّان يوم الدين» مبتدأ وخبران، قيل: هما ظرفان فكيف يقع أحد الظرفين في الآخر؟ أجيب بأنَّه على حذف مضاف أي: «أيَّان»؛ وقوع يوم الدين، قاله السمين.

{يَوْمُ الدِّينِ (١٢)} [١٢] كاف؛ لأنَّ «يوم» مبتدأ، و «هم» خبره، وقيل: ليس بوقف؛ لأنَّ «يوم» في موضع رفع إلّا أنَّه مبني على الفتح، وهو بدل من قوله: «يوم الدين»، وقرأ ابن أبي عبلة (١): «يَوْمُ هُمْ» بالرفع، ويؤيد بالقول بالبدلية، ورسموا: «يوم هم» كلمتين، «يوم» وحدها كلمة و «هم» وحدها كلمة


(١) وكذا رويت عن الزعفراني، وهي قراءة شاذة. انظر هذه القراءة في: البحر المحيط (٨/ ١٣٥)، تفسير القرطبي (١٧/ ٣٤)، الغيث للصفاقسي (ص: ٣٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>