[المراعة في الوقف]
التنبيه السادس: ينبغي للقارئ أن يراعي في الوقف الازدواج، والمعادل، والقرائن، والنظائر. قال ابن نصير النحوي (١): فلا يوقف على الأول حتى يأتي بالمعادل الثاني؛ لأن به يوجد التمام، وينقطع تعلقه بما بعده لفظًا نحو: {لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ}، {فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ}، {يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ}، {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا}، والأولى الفصل والقطع بين الفريقين، ولا يخلط أحدهما مع الآخر، بل يقف على الأول، ثم يبتدئ بالثاني.
[ذكر الذين، الذي]
التنبيه السابع: كل ما في القرآن من ذكر (الذين)، و (الذي) يجوز فيه الوصل بما قبله نعتًا، والقطع على أنه خبر مبتدأ محذوف، أو مبتدأ حذف خبره، إلَّا في سبعة مواضع فإنه يتعين الابتداء بها:
١ - {الَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ} في البقرة.
٢ - وفيها أيضًا: {الَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ}.
٣ - وفيها أيضًا: {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا}.
٤ - وفي التوبة: {الَّذِينَ آَمَنُوا وَهَاجَرُوا}.
٥ - وفي الفرقان: {الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ}.
٦ - وفي غافر: {الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ} لا يجوز وصلها بما قبلها؛ لأنه يوقع في محظور، كما بيَّن فيما تقدم.
٧ - وفي سورة الناس: {الَّذِي يُوَسْوِسُ} على أنه مقطوع عما قبله.
وفصّل الرمّاني: إن كانت الصفة للاختصاص امتنع الوقف على موصوفها؛ لأنها لتعريفه، فيلزم أن تتبعه في إعرابه ولا تقطع، وإن كانت للمدح لا لتعريفه جاز القطع والاتباع، والقطع أبلغ من إجرائها؛ لأن عاملها في المدح غير عامل الموصوف.
[أصل بلى]
التنبيه الثامن: أصل (بلى) عند الكوفيين (بل) التي للإضراب، زيدت الياء في آخرها علامة لتأنيث الأداة؛ ليحسن الوقف عليها، يعنون بالياء الألف، وإنما سمَّوها ياءً؛ لأنها تمال وتكتب بالياء؛ لأنها للتأنيث كألف حبلى، وقال البصريون: (بلى) حرف بسيط، وتحقيق المذهبين في غير هذا، وهي للنفي
(١) أحمد بن إبراهيم بن نصير، أبو القاسم: شاعر، أصله من شوذر (من أعمال جيان)، وسكن قرطبة، وتوفي بمالقة (ت ٦٠٢ هـ). انظر: الأعلام للزركلي (١/ ٨٦).