للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[سورة الجن]

مكية

-[آيها:] عشرون وثمان آيات إجماعًا.

- وكلمها: مائتان وخمس وثمانون كلمة.

- وحروفها: سبعمائة وتسعة وخمسون حرفًا.

يبنى الوقف والوصل في هذه السورة على قراءة: «أن» بالفتح والكسر؛ فمن فتح عطفها على الهاء من قوله: «آمنا به»، وهو ضعيف عند أهل البصرة؛ لأنَّ الظاهر لا يعطف على المضمر المجرور، ولا يتم الوقف لمن فتح «إن» ومن أضمر معها فعلا ساغ الابتداء بها سواء كانت مفتوحة أو مكسورة، قال الهمداني: وقد يجوز أن يكون معطوفًا على موضع الباء والهاء؛ وذلك أن فـ «آمنا به» في تقدير: فصدقناه أو صدقنا أنه، وإن شئت عطفته على «أوحى إلى أنَّه» ومن كسرها عطفها على قوله: «فقالوا إنَّا سمعنا» فالمضمر مع المفتوحة «آمنا به» و «أوحى إليَّ» ومع المكسورة فعل القول، وعدتها اثنتا عشرة، وقد قرأ ابن كثير وأبو عمرو جميع ما في هذه السورة بالكسر إلَّا أربعة مواضع وهي: «أنَّه استمع»، «وألو استقاموا على الطريقة»، «وأنَّ المساجد لله»، «وأنَّه لما قام عبد الله يدعوه» ردًّا إلى «أوحى»، وقرأ نافع وأبو بكر عن عاصم مثل قراءة ابن كثير وأبي عمرو إلَّا موضعًا واحدًا وهو: «وأنَّه لما قام عبد الله يدعوه» فإنَّهما كسرا هذا الحرف وفتحا الثلاثة (١).

{فَآَمَنَّا بِهِ} [٢] كاف، ومثله: «بربنا أحدًا»؛ لمن قرأ «وإنَّه» بالكسر، وليس بوقف فيهما لمن قرأه بالفتح؛ بمعنى: قل أوحي إليَّ أنَّه استمع، وأنَّه تعالى جدُّ ربنا، إلى آخرها، وملخصه: ما كان بمعنى القول كسر، وما كان بمعنى الوحي فتح. والمراد بقوله: «جدُّ ربنا» عظمته وجلاله، ومنه جدَّ الرجل: عظم، وفي الحديث: «كان الرجل إذا قرأ البقرة وآل عمران جدَّ فينا» (٢)، أي: عظم قدره في أعيننا،


(١) ومواضع الهمز فيها هي: قوله تعالى: {وَأَنَّهُ تَعَالَى} [الآية: ٣]، وقوله: {وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ} [الآية: ٤]. وقوله: {وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ تَقُولَ} [الآية: ٥]. وقوله: {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ} [الآية: ٦]. وقوله: {وَأَنَّهُمْ ظَنُّوا كَمَا ظَنَنْتُمْ} [الآية: ٧]. وقوله: {وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ} [الآية: ٨]. وقوله: {وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ} [الآية: ٩]. وقوله: {وَأَنَّا لا نَدْرِي} [الآية:١٠]. وقوله: {وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ} [الآية: ١١]، وقوله: {وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ نُعجِزَ الله فِي الأَرْضِ} [الآية: ١٢]. وقوله: {أَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدَى} [الآية: ١٣]، وقوله: {وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ} [الآية: ١٤]. وجه من قرأهن بالكسر: العطف على قوله تعالى: {إِنَّا سَمِعْنَا} فيكون الكل مقولا للقول. ووجه الفتح فيهن: العطف على الضمير في: «به» من قوله: {فَآَمَنَّا بِهِ} من غير إعادة الجار على مذهب الكوفيين، وقال الزمخشري: هي معلقة على محل: «به»، كأنه قال: صدقناه، وصدقنا أنه تعالى ... إلخ. انظر هذه القراءة في: السبعة (ص: ٦٥٦)، النشر (٢/ ٣٩١).
(٢) من حديث طويل جاء فيه: عن حميد الطويل عن أنس: أنّ رجلًا كان يكتب للنبى - صلى الله عليه وسلم - وكان قد قرأ البقرة، وكان الرجل إذا قرأ البقرة وآل عمران جدَّ فينا، فكان النبى - صلى الله عليه وسلم - يملى عليه غفورًا رحيمًا، فيقول: أكتب عليمًا حكيمًا، فيقول له النبى - صلى الله عليه وسلم -: أكتب كيف شئت، ويملى عليه عليمًا حكيمًا، فيقول: أكتب سميعًا بصيرًا، فيقول له النبى - صلى الله عليه وسلم -: أكتب كيف شئت، فارتدَّ ذلك الرجل عن الإسلام، ولحق بالمشركين فقال: أنا أعلمكم بمحمد، إن كنت لأكتب كيف شئت، فمات ذلك الرجل، فقال النبى - صلى الله عليه وسلم -: إنّ الأرض لا تقبله، قال أنس فحدثنى أبو طلحة أنه أتى الأرض التى مات فيها، فوجده منبوذا، فقال أبو طلحة ما بال هذا الرجل قالوا دفناه مرارًا فلم تقبله الأرض. انظر: كنز العمال برقم (٤٠٤٤)، وأخرجه أيضًا: ابن حبان (٣/ ١٩، رقم: ٧٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>