دَرَجَة حَتَّى يبلغ نِهَايَة مَا يَنَالهُ امثاله مِنْهَا فكم بَين حَاله فِي اول كَونه نُطْفَة وَبَين حَاله والرب يسلم عَلَيْهِ فِي دَاره وَينظر الى وَجهه بكرَة وعشيا وَالنَّبِيّ فِي اول امْرَهْ لما جَاءَهُ الْملك فَقَالَ لَهُ اقْرَأ فَقَالَ مَا أَنا بقارئ وَفِي آخِره امْرَهْ بقول الله لَهُ الْيَوْم اكملت لكم دينكُمْ واتممت عَلَيْكُم نعمتي وَبِقَوْلِهِ لَهُ خَاصَّة وَانْزِلْ عَلَيْك الْكتاب وَالْحكمَة وعلمك مَا لم تكن تعلم وَكَانَ فضل الله عَلَيْك عَظِيما وَحكى ان جمَاعَة من النَّصَارَى تحدثُوا فِيمَا بَينهم فَقَالَ قَائِل مِنْهُم مَا أقل عقول الْمُسلمين يَزْعمُونَ ان نَبِيّهم كَانَ راعي الْغنم فَكيف يصلح راعي الْغنم للنبوة فَقَالَ لَهُ آخر من بَينهم اما هم فوَاللَّه اعقل منا فان الله بِحِكْمَتِهِ يسترعي النَّبِي الْحَيَوَان البهيم فاذا احسن رعايته وَالْقِيَام عَلَيْهِ نَقله مِنْهُ الى رِعَايَة الْحَيَوَان النَّاطِق حِكْمَة من الله وتدريجا لعَبْدِهِ وَلَكِن نَحن جِئْنَا الى مَوْلُود خرج من امْرَأَة يَأْكُل وَيشْرب ويبول ويبكي فَقُلْنَا هَذَا الهنا الَّذِي خلق السَّمَوَات والارض فامسك الْقَوْم عَنهُ فَكيف يحسن بِذِي همة قد ازاح الله عَنهُ علله وعرفه السَّعَادَة والشقاوة ان يرضى بَان يكون حَيَوَانا وَقد أمكنه ان يصير انسانا وَبَان يكون إنْسَانا وَقد امكنه ان يكون ملكا وَبِأَن يكون ملكا وَقد امكنه ان يكون ملكا فِي مقْعد صدق عِنْد مليك مقتدر فتقوم الْمَلَائِكَة فِي خدمته وَتدْخل عَلَيْهِم من كل بَاب سَلام عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنعم عَقبي الدَّار وَهَذَا الْكَمَال إِنَّمَا ينَال بِالْعلمِ ورعايته وَالْقِيَام بِمُوجبِه فَعَاد الامر الى الْعلم وثمرته وَالله تَعَالَى الْمُوفق واعظم النَّقْص واشد الْحَسْرَة نقص الْقَادِر على التَّمام وحسرته على تقويته كَمَا قَالَ بعض السّلف اذا كثرت طرق الْخَيْر كَانَ الْخَارِج مِنْهَا اشد حسرة وَصدق الْقَائِل:
وَلم ار فِي عُيُوب النَّاس عَيْبا ... كنقص القادرين على التَّمام فَثَبت انه لَا شَيْء اقبح بالانسان من ان يكون غافلا عَن الْفَضَائِل الدِّينِيَّة والعلوم النافعة والاعمال الصَّالِحَة فَمن كَانَ كَذَلِك فَهُوَ من الهمج الرعاع الَّذين يكدرون المَاء ويغلون الاسعار ان عَاشَ عَاشَ غير حميد وان مَاتَ مَاتَ غير فقيد فقدهم رَاحَة للبلاد والعباد وَلَا تبْكي عَلَيْهِم السَّمَاء وَلَا تستوحش لَهُم الغبراء الْوَجْه السَّابِع وَالثَّمَانُونَ ان الْقلب يَعْتَرِضهُ مرضان يتواردان عَلَيْهِ اذا استحكما فِيهِ كَانَ هَلَاكه وَمَوته وهما مرض الشَّهَوَات وَمرض الشُّبُهَات هَذَانِ اصل دَاء الْخلق الا من عافاه الله وَقد ذكر الله تَعَالَى هذَيْن المرضين فِي كِتَابه اما مرض الشُّبُهَات وَهُوَ اصعبهما واقتلهما للقلب فَفِي قَوْله فِي حق الْمُنَافِقين فِي قُلُوبهم مرض فَزَادَهُم الله مَرضا وَقَوله وليقول الَّذين فِي قُلُوبهم مرض والكافرون مَاذَا أَرَادَ الله بِهَذَا مثلا وَقَالَ تَعَالَى {ليجعل مَا يلقِي الشَّيْطَان فتْنَة للَّذين فِي قُلُوبهم مرض والقاسية قُلُوبهم} فَهَذِهِ ثَلَاثَة مَوَاضِع المُرَاد بِمَرَض الْقلب فِيهَا مرض الْجَهْل والشبهة واما مرض
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute