للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشَّيْطَان فانه وسواس خناس قد الْتَقم قلب الغافل يقْرَأ عَلَيْهِ انواع الوساوس والخيالات الْبَاطِلَة فاذا تذكر وَذكر الله انجمع وانضم وخنس وتضاءل لذكر الله فَهُوَ دَائِما بَين الوسوسة والخنس وَقَالَ عُرْوَة بن رُوَيْم ان الْمَسِيح سَأَلَ ربه ان يرِيه مَوضِع الشَّيْطَان من ابْن آدم فَجلى لَهُ فاذا رَأسه راس الْحَيَّة وَاضع راسه على ثَمَرَة الْقلب فَإِذا ذكر العَبْد ربه خنس وَإِذا لم يذكر وضع رَأسه على ثَمَرَة قلبه فمناه وحدثه وَقد روى فِي هَذَا الْمَعْنى حَدِيث مَرْفُوع فَهُوَ دَائِما يترقب غَفلَة العَبْد فيبذر فِي قلبه بذر الاماني والشهوات والخيالات الْبَاطِلَة فيثمر كل حنظل وكل شوك وكل بلَاء وَلَا يزَال يمده بسقيه حَتَّى يغطى الْقلب ويعميه واما الكسل فيتولد عَنهُ الاضاعة والتفريط والحرمان واشد الندامة وَهُوَ منَاف لاراده والعزيمة الَّتِي هِيَ ثَمَرَة الْعلم فان من علم ان كَمَاله ونعيمه فِي شَيْء طلبه بِجهْدِهِ وعزم عَلَيْهِ بِقَلْبِه كُله فَإِن كل اُحْدُ يسْعَى فِي تَكْمِيل نَفسه ولذته وَلَكِن اكثرهم اخطأ الطَّرِيق لعدم علمه بِمَا يَنْبَغِي ان يَطْلُبهُ فالارادة مسبوقة بِالْعلمِ والتصور فتخلفها فِي الْغَالِب إِنَّمَا يكون لتخلف الْعلم والادراك وَإِلَّا فَمَعَ الْعلم التَّام بَان سَعَادَة العَبْد فِي هَذَا الْمطلب ونجاته وفوزه كَيفَ يلْحقهُ كسل فِي النهوض اليه وَلِهَذَا استعاذ النَّبِي من الكسل فَفِي الصَّحِيح عَنهُ انه كَانَ يَقُول اللَّهُمَّ اني اعوذ بك من الْهم والحزن وَالْعجز والكسل والجبن وَالْبخل وضلع الدّين وَغَلَبَة الرِّجَال فاستعاذ من ثَمَانِيَة اشياء كل شَيْئَيْنِ مِنْهَا قرينان وَالْفرق بَينهمَا ان الْمَكْرُوه الْوَارِد على الْقلب اما ان يكون على مَا مضى اَوْ لما يسْتَقْبل فالاول هُوَ الْحزن وَالثَّانِي الْهم وان شِئْت قلت الْحزن على الْمَكْرُوه الَّذِي فَاتَ وَلَا يتَوَقَّع دَفعه والهم على الْمَكْرُوه المنتظر الَّذِي يتَوَقَّع دَفعه وتأمله وَالْعجز والكسل قرينان فان تخلف مصلحَة العَبْد وكماله ولذته وسروره عَنهُ اما ان يكون مصدره عدم الْقُدْرَة فَهُوَ الْعَجز اَوْ يكون قارا عَلَيْهِ لَكِن تخلف لعدم إِرَادَته فَهُوَ الكسل وَصَاحبه يلام عيه مَالا يلام على الْعَجز وَقد يكون الْعَجز ثَمَرَة الكسل فيلام عَلَيْهِ ايضا فكثيرا مَا يكسل الْمَرْء عَن الشَّيْء الَّذِي هُوَ قَادر عَلَيْهِ وتضعف عَنهُ ارادته فيفضي بِهِ الى الْعَجز عَنهُ وَهَذَا هُوَ الْعَجز الَّذِي يلوم الله عَلَيْهِ فِي قَول النَّبِي ان الله يلوم على الْعَجز وَإِلَّا فالعجز الَّذِي لم تخلق لَهُ قدرَة على دَفعه وَلَا يدْخل معجوزه تَحت الْقُدْرَة لَا يلام عَلَيْهِ قَالَ بعض الْحُكَمَاء فِي وَصيته إياك والكسل والضجر فان الكسل لَا ينْهض لمكرمة والضجر إِذا نَهَضَ اليها لَا يصبر عَلَيْهَا والضجر متولدعن الكسل وَالْعجز فَلم يفرده فِي الحَدِيث بِلَفْظ ثمَّ ذكر الْجُبْن وَالْبخل فان الاحسان المتوقع من العَبْد اما بِمَالِه واما بِبدنِهِ فالبخيل مَانع لنفع مَاله والجبان مَانع لنفع بدنه الْمَشْهُور عِنْد النَّاس ان الْبُخْل مُسْتَلْزم الْجُبْن من غير عكس لَان من بخل بِمَالِه فَهُوَ بِنَفسِهِ ابخل والشجاعة تَسْتَلْزِم الْكَرم من غير عكس لَان من جاد بِنَفسِهِ فَهُوَ بِمَالِه اسمح واجود وَهَذَا الَّذِي

<<  <  ج: ص:  >  >>