للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالُوهُ لَيْسَ بِلَازِم اكثره فان الشجَاعَة وَالْكَرم واضدادها اخلاق وغرائز قد تجمع فِي الرجل وَقد يعْطى بَعْضهَا دون بعض وَقد شَاهد النَّاس من اهل الاقدام والشجاعة والبأس من هُوَ ابخل النَّاس وَهَذَا كثيرا مَا يُوجد فِي امة التّرْك يكون اشجع من لَيْث وابخل من كلب فالرجل قد يسمح بِنَفسِهِ ويضن بِمَالِه وَلِهَذَا يُقَاتل عَلَيْهِ حَتَّى يقتل فَيبْدَأ بِنَفسِهِ دونه فَمن النَّاس من يسمح بِنَفسِهِ وَمَاله وَمِنْهُم من يبخل بِنَفسِهِ وَمِنْهُم من يسمح بِمَالِه وَيبْخَل بِنَفسِهِ وَعَكسه والاقسام الاربعة مَوْجُودَة فِي النَّاس ثمَّ ذكر ضلع الدّين وَغَلَبَة الرِّجَال فان الْقَهْر الَّذِي ينَال العَبْد نَوْعَانِ احدهما قهر بِحَق وَهُوَ ضلع الدّين وَالثَّانِي قهر بباطل وَهُوَ غَلَبَة الرِّجَال فصلوات الله وَسَلَامه على من اوتي جَوَامِع الْكَلم واقتبست كنوز الْعلم وَالْحكمَة من الفاظة وَالْمَقْصُود ان الْغَفْلَة والكسل اللَّذين هما اصل الحرمان سببهما عدم الْعلم فَعَاد النَّقْص كُله الى عدم الْعلم والعزيمة والكمال كُله الى الْعلم والعزيمة وَالنَّاس فِي هَذَا على اربعة اضْرِب الضَّرْب الاول من رزق علما واعين على ذَلِك بِقُوَّة الْعَزِيمَة على الْعَمَل وَهَذَا الضَّرْب خُلَاصَة الْخلق وهم الموصوفون فِي الْقُرْآن بقوله الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات وَقَوله اولى الايدي والابصار وَبِقَوْلِهِ افمن كَانَ مَيتا فاحييناه وَجَعَلنَا لَهُ نورا يمشي بِهِ فِي النَّاس كمن مثله فِي الظُّلُمَات لَيْسَ بِخَارِج مِنْهَا فبالحياة تنَال الْعَزِيمَة وبالنور ينَال الْعلم وأئمة هَذَا الضَّرْب هم اولو الْعَزْم من الرُّسُل الضَّرْب الثَّانِي من حرم هَذَا وَهَذَا وهم الموصوفون بقوله إِن شَرّ الدَّوَابّ عِنْد الله الصم الْبكم الَّذين لايعقلون وَبِقَوْلِهِ ام تحسب ان اكثرهم يسمعُونَ اَوْ يعْقلُونَ ان هم الا كالانعام بل هم اضلوا سَبِيلا وَبِقَوْلِهِ انك لَا تسمع الْمَوْتَى وَلَا تسمع الصم الدُّعَاء وَقَوله {وَمَا أَنْت بمسمع من فِي الْقُبُور} وَهَذَا الصِّنْف شَرّ الْبَريَّة يضيقون الديار ويغلون الاسعار وَعند انفسهم انهم يعلمُونَ وَلَكِن ظَاهرا من الْحَيَاة الدُّنْيَا وهم عَن الاخرة هم غافلون ويعلمون وَلَكِن مَا يضرهم وَلَا يَنْفَعهُمْ وينطقون وَلَكِن عَن الْهوى ينطقون ويتكلمون وَلَكِن بِالْجَهْلِ يَتَكَلَّمُونَ ويؤمنون وَلَكِن بالجبت والطاغوت ويعبدون وَلَكِن يعْبدُونَ من دون الله مَالا يضرهم وَلَا يَنْفَعهُمْ ويجادلون وَلَكِن بِالْبَاطِلِ ليدحضوا بِهِ الْحق ويتفكرون ويبيتون وَلَكِن مَالا يرضى من القَوْل يبيتُونَ وَيدعونَ وَلَكِن مَعَ الله الها آخر يدعونَ ويذكرون وَلَكِن إِذا ذكرُوا لَا يذكرُونَ وَيصلونَ وَلَكنهُمْ من الْمُصَلِّين الَّذين هم عَن صلَاتهم ساهون الَّذين هم يراؤن وَيمْنَعُونَ الماعون ويحكمون وَلَكِن حكم الْجَاهِلِيَّة يَبْغُونَ ويكتبون وَلَكِن يَكْتُبُونَ الْكتاب بِأَيْدِيهِم ثمَّ يَقُولُونَ هَذَا من عِنْد الله ليشتروا بِهِ ثمنا قَلِيلا فويل لَهُم مِمَّا كتبت ايديهم وويل لَهُم مِمَّا يسكبون وَيَقُولُونَ إِنَّمَا نَحن مصلحون أَلا انهم هم المفسدون وَلَكِن لَا يَشْعُرُونَ فَهَذَا الضَّرْب نَاس بالصورة وشياطين بِالْحَقِيقَةِ وجلهم إِذا فَكرت فهم حمير اَوْ كلاب اَوْ ذئاب وَصدق البحتري فِي قَوْله:

<<  <  ج: ص:  >  >>