والفجار فَهَذِهِ عشرَة مَوَاضِع فِي الْقُرْآن نفى فِيهَا التَّسْوِيَة بَين هَؤُلَاءِ الاصناف وَهَذَا يدل على ان منزلَة الْعَالم من الْجَاهِل كمنزلة النُّور من الظلمَة والظل من الحرور وَالطّيب من الْخَبيث ومنزلة كل وَاحِد من هَذِه الاصناف مَعَ مُقَابلَة وَهَذَا كَاف فِي شرف الْعلم وَأَهله بل إِذا تَأَمَّلت هَذِه الاصناف كلهَا وَوجدت نفي التَّسْوِيَة بَينهَا رَاجعا الى الْعلم وموجبه فِيهِ وَقع التَّفْضِيل وانتفت الْمُسَاوَاة الْوَجْه الْخَامِس والاربعون بعدالمائة ان سُلَيْمَان لما توعد الهدهد بِأَن يعذبه عذَابا شَدِيدا اَوْ يذبحه إِنَّمَا نجا مِنْهُ بِالْعلمِ واقدم عَلَيْهِ فِي خطابه لَهُ بقوله احطت بِمَا لم تحط بِهِ خَبرا وَهَذَا الْخطاب إِنَّمَا جرأه عَلَيْهِ الْعلم وَإِلَّا فالهدهد مَعَ ضعفه لَا يتَمَكَّن من خطابه لِسُلَيْمَان مَعَ قوته بِمثل هَذَا الْخطاب لَوْلَا سُلْطَان الْعلم وَمن هَذَا الْحِكَايَة الْمَشْهُورَة ان بعض اهل الْعلم سُئِلَ عَن مسالة فَقَالَ لَا اعلمها فَقَالَ اُحْدُ تلامذته انا اعْلَم هَذِه الْمَسْأَلَة فَغَضب الاستاذ وهم بِهِ فَقَالَ لَهُ ايها الاستاد لست اعْلَم من سُلَيْمَان بن دَاوُد وَلَو بلغت فِي الْعلم مَا بلغت وَلست انا اجهل من الهدهد وَقد قَالَ لِسُلَيْمَان احطت بِمَا لم تحط بِهِ فَلم يعتب عَلَيْهِ وَلم يعنفه الْوَجْه السَّادِس والاربعون بعدالمائة إِن من نَالَ شَيْئا من شرف الدُّنْيَا وَالْآخِرَة فَإِنَّمَا ناله بِالْعلمِ وتامل مَا حصل لادم من تميزه على الْمَلَائِكَة واعترافهم لَهُ بتعليم الله لَهُ الاسماء كلهَا ثمَّ مَا حصل لَهُ من تدارك الْمُصِيبَة والتعويض عَن سُكْنى الْجنَّة بِمَا هُوَ خير لَهُ مِنْهَا بِعلم الْكَلِمَات الَّتِي تلقاها من ربه وَمَا حصل ليوسف من التَّمْكِين فِي الارض والعزة وَالْعَظَمَة بِعِلْمِهِ بتعبير تِلْكَ الرُّؤْيَا ثمَّ علمه بِوُجُوه اسْتِخْرَاج اخيه من إخْوَته بِمَا يقرونَ بِهِ ويحكمون هم بِهِ حَتَّى ال الامر الى مَا آل اليه من الْعِزّ وَالْعَاقبَة الحميدة وَكَمَال الْحَال الَّتِي توصل اليها بِالْعلمِ كَمَا اشار اليها سُبْحَانَهُ فِي قَوْله كَذَلِك كدنا ليوسف مَا كَانَ ليَأْخُذ اخاه فِي دين الْملك إِلَّا ان يَشَاء الله نرفع دَرَجَات من نشَاء وَفَوق كل ذِي علم عليم جَاءَ فِي تَفْسِيرهَا نرفع دَرَجَات من نشَاء بِالْعلمِ كَمَا رفعنَا دَرَجَة يُوسُف على اخوته بِالْعلمِ وَقَالَ فِي إِبْرَاهِيم وَتلك حجتنا آتيناها إِبْرَاهِيم على قومه نرفع دَرَجَات من نشَاء فَهَذِهِ رفْعَة بِعلم الْحجَّة والاول رفْعَة بِعلم السياسة وَكَذَلِكَ مَا حصل للخضر بِسَبَب علمه من تلمذة كليم الرَّحْمَن لَهُ وتلطفه مَعَه فِي السُّؤَال حَتَّى قَالَ هَل اتبعك على ان تعلمن مِمَّا علمت رشدا وَكَذَلِكَ مَا حصل لِسُلَيْمَان من علم منطق الطير حَتَّى وصل الى ملك سبأ وقهر ملكتهم واحتوى على سَرِير ملكهَا ودخولها تَحت طَاعَته وَلذَلِك قَالَ يايها النَّاس علمنَا منطق الطير واوتينا من كل شَيْء إِن هَذَا لَهو الْفضل الْمُبين وَكَذَلِكَ مَا حصل لداود من علمه نسج الدروع من الْوِقَايَة من سلَاح الاعداء وَعدد سُبْحَانَهُ هَذِه النِّعْمَة بِهَذَا الْعلم على عباده فَقَالَ وعلمناه صَنْعَة لبوس لكم لتحصنكم من بأسكم فَهَل انتم شاكرون وَكَذَلِكَ مَا حصل للمسيح من علم الْكتاب وَالْحكمَة والتوراة والانجيل مَا رَفعه الله
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute