للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِهِ اليه وفضله وَكَرمه وَكَذَلِكَ مَا حصل لسَيِّد ولد آدم من الْعلم الَّذِي ذكره الله بِهِ نعْمَة عَلَيْهِ فَقَالَ وَانْزِلْ الله عَلَيْك الْكتاب وَالْحكمَة وعلمك مَا لم تكن تعلم وَكَانَ فضل الله عَلَيْك عَظِيما الْوَجْه السَّابِع والاربعون بعدالمائة ان الله سُبْحَانَهُ اثنى على إِبْرَاهِيم خَلِيله بقوله تَعَالَى إِن إِبْرَاهِيم كَانَ امة قَانِتًا لله حَنِيفا وَلم يَك من الْمُشْركين شاكرا لأنعمه اجتباه فَهَذِهِ ارْبَعْ انواع من الثَّنَاء افتتحها بِأَنَّهُ امة والامة هُوَ الْقدْوَة الَّذِي يؤتم بِهِ قَالَ ابْن مَسْعُود والامة الْمعلم للخير وَهِي فعلة من الائتمام كقدوة وَهُوَ الَّذِي يَقْتَدِي بِهِ وَالْفرق بَين الامة والامام من وَجْهَيْن احدهما ان الامام كل مَا يؤتم بِهِ سَوَاء كَانَ بِقَصْدِهِ وشعوره اولا وَمِنْه سمى الطَّرِيق إِمَامًا كَقَوْلِه تَعَالَى وَإِن كَانَ اصحاب الايكة لظالمين فانتقمنا مِنْهُم وإنهما لبإمام مُبين أَي بطرِيق وَاضح لَا يخفى على السالك وَلَا يُسمى الطَّرِيق امة الثَّانِي ان الامة فِيهِ زِيَادَة معنى وَهُوَ الَّذِي جمع صِفَات الْكَمَال من الْعلم وَالْعَمَل بِحَيْثُ بَقِي فِيهَا فَردا وَحده فَهُوَ الْجَامِع لخصال تَفَرَّقت فِي غَيره فَكَأَنَّهُ باين غَيره باجتماعها فِيهِ وتفرقها اَوْ عدمهَا فِي غَيره وَلَفظ الامة يشْعر بِهَذَا الْمَعْنى لما فِيهِ من الْمِيم المضعفة الدَّالَّة على الضَّم بمخرجها وتكريرها وَكَذَلِكَ ضم اوله فَإِن الضمة من الْوَاو ومخرجها يَنْضَم عِنْد النُّطْق بهَا وأتى بِالتَّاءِ الدَّالَّة على الْوحدَة كالغرفة واللقمة وَمِنْه الحَدِيث إِن زيد بن عَمْرو بن نفَيْل يبْعَث يَوْم الْقِيَامَة أمة وَحده فالضم والاجتماع لَازم لِمَعْنى الامة وَمِنْه سميت الامة الَّتِي هِيَ آحَاد الامم لانهم النَّاس المجتمعون على دين وَاحِد اَوْ فِي عصر وَاحِد الثَّانِي قَوْله قَانِتًا لله قَالَ ابْن مَسْعُود القانت الْمُطِيع والقنوت يُفَسر باشياء كلهَا ترجع الى دوَام الطَّاعَة الثَّالِث قَوْله حَنِيفا والحنيف الْمقبل على الله وَيلْزم هَذَا الْمَعْنى ميله عَمَّا سواهُ فالميل لَازم معنى الحنيف لَا انه مَوْضُوعه لُغَة الرَّابِع قَوْله شاكرا لانعمه وَالشُّكْر للنعم مَبْنِيّ على ثَلَاثَة اركان الاقرار بِالنعْمَةِ وإضافتها الى الْمُنعم بهَا وصرفها فِي مرضاته وَالْعَمَل فِيهَا بِمَا يجب فَلَا يكون العَبْد شَاعِرًا إِلَّا بِهَذِهِ الاشياء الثَّلَاثَة وَالْمَقْصُود انه مدح خَلِيله باربع صِفَات كلهَا ترجع الى الْعلم وَالْعَمَل بِمُوجبِه وتعليمه ونشره فَعَاد الْكَمَال كُله الى الْعلم وَالْعَمَل بِمُوجبِه ودعوة الْخلق اليه الْوَجْه الثَّامِن والاربعون بعدالمائة قَوْله سُبْحَانَهُ عَن الْمَسِيح انه قَالَ اني عبد الله آتَانِي الْكتاب وَجَعَلَنِي نَبيا وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا اينما كنت قَالَ سُفْيَان بن عُيَيْنَة جعلني مُبَارَكًا اينما كنت قَالَ معلما للخير وَهَذَا يدل على ان تَعْلِيم الرجل الْخَيْر هُوَ الْبركَة الَّتِي جعلهَا الله فِيهِ فَإِن الْبركَة حُصُول الْخَيْر ونماؤه ودوامه وَهَذَا فِي الْحَقِيقَة لَيْسَ إِلَّا فِي الْعلم الْمَوْرُوث عَن الانبياء وتعليمه وَلِهَذَا سمى سُبْحَانَهُ كِتَابه مُبَارَكًا كَمَا قَالَ تَعَالَى وَهَذَا ذكر مبارك انزلناه {وَقَالَ} كتاب انزلناه اليك مبارك وَوصف رَسُوله بِأَنَّهُ مبارك كَمَا فِي قَول الْمَسِيح وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا اينما كنت فبركة كِتَابه وَرَسُوله هِيَ سَبَب مَا يحصل بهما من الْعلم وَالْهدى والدعوة الى الله الْوَجْه التَّاسِع والاربعون

<<  <  ج: ص:  >  >>