للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَعْنى باسناد مُتَّصِل مَرْفُوع وَقد روى حَرْب الْكرْمَانِي فِي مسَائِله نَحوه مَرْفُوعا وَقَالَ إِبْرَاهِيم بَلغنِي انه إِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة تُوضَع حَسَنَات الرجل فِي كَفه وسئياته فِي الكفة الْأُخْرَى فتشيل حَسَنَاته فَإِذا يئس فَظن انها النَّار جَاءَ شَيْء مثل السَّحَاب حَتَّى يَقع من حَسَنَاته فتشيل سيئاته قَالَ فَيُقَال لَهُ اتعرف هَذَا من عَمَلك فَيَقُول لَا فَيُقَال هَذَا مَا علمت النَّاس من الْخَيْر فَعمل بِهِ من بعْدك فَإِن قيل فقواعدالشرع تَقْتَضِي ان يسامح الْجَاهِل بِمَا لَا يسامح بِهِ الْعَالم وانه يغْفر لَهُ مَالا يغْفر للْعَالم فَإِن حجَّة الله عَلَيْهِ اقوم مِنْهَا على الْجَاهِل وَعلمه بقبح الْمعْصِيَة وبغض الله لَهَا وعقوبته عَلَيْهَا اعظم من علم الْجَاهِل ونعمة الله عَلَيْهِ بِمَا اودعه من الْعلم اعظم من نعْمَته على الْجَاهِل وَقد دلّت الشَّرِيعَة وَحكم الله على ان من حبي بالانعام وَخص بِالْفَضْلِ والاكرام ثمَّ اسام نَفسه مَعَ ميل الشَّهَوَات فارتعها فِي مراتع الهلكات وتجرأ على انتهاك الحرمات واستخف بالتبعات والسيئات انه يُقَابل من الانتقام والعتب بِمَا لَا يُقَابل بِهِ من لَيْسَ فِي مرتبته وعَلى هَذَا جَاءَ قَوْله تَعَالَى يَا نسَاء النَّبِي من يَأْتِ مِنْكُن بِفَاحِشَة مبينَة يُضَاعف لَهَا الْعَذَاب ضعفين وَكَانَ ذَلِك على الله يَسِيرا وَلِهَذَا كَانَ حد الْحر ضعف حدالعبد فِي الزِّنَا وَالْقَذْف وَشرب الْخمر لكَمَال النِّعْمَة على الْحر وَمِمَّا يدل على هَذَا الحَدِيث الْمَشْهُور الَّذِي اثبته ابو نعيم وَغَيره عَن النَّبِي انه قَالَ اشد النَّاس عذَابا يَوْم الْقِيَامَة عَالم لم يَنْفَعهُ الله بِعِلْمِهِ قَالَ بعض السّلف يغْفر للجاهل سَبْعُونَ ذَنبا قبل ان يغْفر للْعَالم ذَنْب وَقَالَ بَعضهم ايضا إِن الله يعافي الْجُهَّال مَالا يعا ٤ فِي لللعماء الْجَواب ان هَذَا الَّذِي ذكرتموه حق لَا ريب فِيهِ وَلَكِن من قواعدالشرع وَالْحكمَة ايضا ان من كثرت حَسَنَاته وعظمت وَكَانَ لَهُ فِي الاسلام تَأْثِير ظَاهر فَإِنَّهُ يحْتَمل لَهُ مَالا يحْتَمل لغيره ويعفي عَنهُ مَالا يعفي عَن غَيره فَإِن الْمعْصِيَة خبث وَالْمَاء إِذا بلغ قُلَّتَيْنِ لم يحمل الْخبث بِخِلَاف المَاء الْقَلِيل فَإِنَّهُ لَا يحمل ادنى خبث وَمن هَذَا قَول النَّبِي لعمر وَمَا يدْريك لَعَلَّ الله اطلع على اهل بدر فَقَالَ اعْمَلُوا مَا شِئْتُم فقد غفرت لكم وَهَذَا هُوَ الْمَانِع لَهُ من قتل من حس عَلَيْهِ وعَلى الْمُسلمين وارتكب مثل ذَلِك الذَّنب الْعَظِيم فَأخْبر انه شهد بَدْرًا فَدلَّ على ان مُقْتَضى عُقُوبَته قَائِم لَكِن منع من ترَتّب اثره عَلَيْهِ مَاله من المشهد الْعَظِيم فَوَقَعت تِلْكَ السقطة الْعَظِيمَة مغتفرة فِي جنب مَاله من الْحَسَنَات وَلما حض النَّبِي على الصَّدَقَة فَأخْرج عُثْمَان رضى الله عَنهُ تِلْكَ الصَّدَقَة الْعَظِيمَة قَالَ ماضر عُثْمَان مَا عمل بعْدهَا وَقَالَ لطلْحَة لما تطاطأ للنَّبِي حَتَّى صعد على ظَهره الى الصَّخْرَة اوجب طَلْحَة وَهَذَا مُوسَى كلم الرَّحْمَن عز وَجل القى الالواح الَّتِي فِيهَا كَلَام الله الَّذِي كتبه لَهُ القاها على الارض حَتَّى تَكَسَّرَتْ وَلَطم عين ملك الْمَوْت ففقأها وعاتب ربه لَيْلَة الاسراء فِي النَّبِي وَقَالَ شَاب بعث بعدِي يدْخل الْجنَّة من امته اكثر مِمَّا يدخلهَا من امتي واخذ بلحية

<<  <  ج: ص:  >  >>