للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَسَاد قَوْلك وَأَن الْفِعْل الْوَاجِب بالإختيار اخْتِيَاري الْوَجْه السَّابِع أَن صُدُور الْفِعْل عَن الْمُخْتَار بِشَرْط تعلق اخْتِيَاره بِهِ لَا يُنَافِي كَونه مَقْدُورًا لَهُ وَإِلَّا كَانَت إِرَادَته وَقدرته غير مَشْرُوطَة فِي الْفِعْل وَهُوَ محَال وَإِذا لم يناف ذَلِك كَونه مَقْدُورًا فَهُوَ اخْتِيَاري قطعا

الْوَجْه الثَّامِن قَوْلك إِن لم يتَوَقَّف على مُرَجّح فَهُوَ اتفاقي إِن عنيت بالمرجح مَا يخرج الْفِعْل عَن أَن يكون اختياريا ويجعله اضطراريا فَلَا يلْزم من نفي هَذَا الْمُرَجح كَونه اتفاقيا إِذْ هَذَا مُرَجّح خَاص وَلَا يلْزم من نفي الْمُرَجح الْمعِين نفي مُطلق الْمُرَجح فَمَا الْمَانِع من أَن يتَوَقَّف على مُرَجّح وَلَا يَجعله اضطراريا غير اخْتِيَاري وان عنيت بالمرجح مَا هُوَ أَعم من ذَلِك لم يلْزم من توقفه على الْمُرَجح الْأَعَمّ أَن يكون غير اخْتِيَاري لِأَن الْمُرَجح هُوَ الِاخْتِيَار وَمَا ترجح بِالِاخْتِيَارِ لم يمْتَنع كَونه اختياريا الْوَجْه التَّاسِع قَوْلك وَإِن لم يتَوَقَّف على مُرَجّح فَهُوَ اتفاقي مَا تَعْنِي بالاتفاقي أتعني بِهِ مَا لَا فَاعل لَهُ أَو مَا فَاعله مُرَجّح بِاخْتِيَارِهِ أَو معنى ثَالِثا فَإِن عنيت الأول لم يلْزم من عدم الْمُرَجح الْمُوجب كَونه اضطراريا أَن يكون الْفِعْل صادرا من غير فَاعل وَإِن عنيت الثَّانِي لم يلْزم مِنْهُ كَونه اضطراريا وَإِن عنيت معنى ثَالِثا فابده الْوَجْه الْعَاشِر أَن غَايَة هَذَا الدَّلِيل أَن يكون الْفِعْل لَازِما عِنْد وجود سَببه وَأَنت لم تقم دَلِيلا على أَن مَا كَانَ كَذَلِك يمْتَنع تحسينه وتقبيحه سوى الدعْوَة الْمُجَرَّدَة فَأَيْنَ الدَّلِيل على أَن مَا كَانَ لَازِما بِهَذَا الِاعْتِبَار يمْتَنع تحسينه وتقبيحه ودليلك إِنَّمَا يدل على أَن مَا كَانَ غير اخْتِيَاري من الْأَفْعَال امْتنع تحسينه وتقبيحه فَمحل النزاع لم يتَنَاوَلهُ الدَّلِيل الْمَذْكُور وَمَا تنَاوله وَصحت مقدماته فَهُوَ غير متنازع فِيهِ فدليلك لم يفد شَيْئا الْوَجْه الْحَادِي عشر ان قَوْلك يلْزم أَن لَا يُوصف بِحسن وَلَا قبح على المذهبين بَاطِل فال منازعيك إِنَّمَا يمْنَعُونَ من وصف الْفِعْل بالْحسنِ والقبح إِذا لم يكن مُتَعَلق الْقُدْرَة وَالِاخْتِيَار أما مَا وَجب بِالْقُدْرَةِ وَالِاخْتِيَار فَإِنَّهُم لَا يساعدونك على امْتنَاع وَصفه بالْحسنِ والقبح أبدا الْوَجْه الثَّانِي عشر أَن هَذَا الدَّلِيل لوصح لزم بطلَان الشَّرَائِع والتكاليف جملَة لِأَن التَّكْلِيف إِنَّمَا يكون بالأفعال الاختيارية إِذْ يَسْتَحِيل أَن يُكَلف المرتعش بحركة يَده وَأَن يُكَلف المحموم بتسخين جلده والمقرور بقره وَإِذا كَانَت الْأَفْعَال اضطرارية غير اختيارية لم يتَصَوَّر تعلق التَّكْلِيف وَالْأَمر والنهى بهَا فَلَو صَحَّ الدَّلِيل الْمَذْكُور لبطلت الشَّرَائِع جملَة فَهَذَا هُوَ الدَّلِيل الَّذِي اعْتَمدهُ ابْن الْخَطِيب وابطل أَدِلَّة غَيره وَأما الدَّلِيل الَّذِي اعْتمد عَلَيْهِ الْآمِدِيّ فَهُوَ أَن حسن الْفِعْل لَو كَانَ أمرا زَائِدا على ذَاته لزم قيام الْمَعْنى وَهُوَ محَال لِأَن الْعرض لَا يقوم بِالْعرضِ وَهَذَا فِي الْبطلَان من جنس مَا قبله فَإِنَّهُ منقوض مَالا يحصي من الْمعَانِي الَّتِي تُوصَف بالمعاني كَمَا يُقَال علم ضَرُورِيّ وَعلم كسبي وَإِرَادَة جازمة وحركة سريعة وحركة بطيئة وحركة مستديرة وحركة مُسْتَقِيمَة ومزاج معتدل ومزاج منحرف وَسَوَاد براق وَحُمرَة قانية وخضرة ناصعة ولون مشرق وَصَوت شج وحس رخيم ورفيع

<<  <  ج: ص:  >  >>