ودقيق وغليظ وأضعاف أَضْعَاف ذَلِك مِمَّا لَا يُحْصى مِمَّا تُوصَف الْمعَانِي والأعراض فِيهِ بمعان وأعراض وجودية وَمن أدعى أَنَّهَا عدمية فَهُوَ مكابر وَهل شكّ أحد فِي وصف الْمعَانِي بالشدة والضعف فَيُقَال هم شَدِيد وَحب شَدِيد وحزن شَدِيد وألم شَدِيد ومقابلها فوصف الْمعَانِي بصفاتها أَمر مَعْلُوم عِنْد كل الْعُقَلَاء الْوَجْه الثَّانِي أَن قَوْله يلْزم مِنْهُ قيام الْمَعْنى بِالْمَعْنَى غير صَحِيح بل الْمَعْنى يُوصف بِالْمَعْنَى وَيقوم بِهِ تبعا لقِيَامه بالجوهر الَّذِي هُوَ الْمحل فَيكون المعنيان جَمِيعًا قَائِمين بِالْمحل وَأَحَدهمَا تَابع للْآخر وَكِلَاهُمَا تبع للمحل فَمَا قَامَ الْعرض بِالْعرضِ وَإِنَّمَا قَامَ العرضان جَمِيعًا بالجوهر فالحركة والسرعة قائمتان بالمتحرك وَالصَّوْت وشجاه وغلظه ودقته وَحسنه وقبحه قَائِمَة بالحامل لَهُ والمحال إِنَّمَا هُوَ قيام الْمَعْنى بِالْمَعْنَى من غير أَن يكون لَهما حَامِل فَأَما إِذا كَانَ لَهما حَامِل وَأَحَدهمَا صفة للْآخر وَكِلَاهُمَا قَامَ بِالْمحل الْحَامِل فَلَيْسَ بمحال وَهَذَا فِي غَايَة الوضوح
الْوَجْه الثَّالِث أَن حسن الْفِعْل وقبحه شرعا أَمر زَائِد عَلَيْهِ لِأَن الْمَفْهُوم مِنْهُ زَائِد على الْمَفْهُوم من نفس الْفِعْل وهما وجوديان لاعدميان لِأَن نقيضهما يحمل على الْعَدَم فَهُوَ عدمي فهما إِذا وجوديان لِأَن كَون أحد النقيضين عدميا يسْتَلْزم كَون نقيضه وجوديا فَلَو صَحَّ دليلكم الْمَذْكُور لزم أَن لَا يُوصف بالْحسنِ والقبح شرعا وَلَا خلاص عَن هَذَا إِلَّا بِالْتِزَام كَون الْحسن والقبح الشرعيين عدميين وَلَا سَبِيل إِلَيْهِ لِأَن الثَّوَاب وَالْعِقَاب والمدح والذم مُرَتّب عَلَيْهِمَا ترَتّب الآثر على مؤثره الْمُقْتَضى على مقتضيه وَمَا كَانَ كَذَلِك لم يكن عدما مَحْضا إِذْ الْعَدَم الْمَحْض لَا يَتَرَتَّب عَلَيْهِ ثَوَاب وَلَا عِقَاب وَلَا مدح وَلَا ذمّ وَأَيْضًا فَإِنَّهُ لَا معنى لكَون الْفِعْل حسنا وقبيحا شرعا إِلَّا أَنه يشْتَمل على صفة لأَجلهَا كَانَ حسنا محبوبا للرب مرضيا لَهُ مُتَعَلقا للمدح وَالثَّوَاب وَكَون الْقَبِيح مُشْتَمِلًا على صفة لأَجلهَا كَانَ قبيحا مبغوضا للرب مُتَعَلقَة للذم وَالْعِقَاب وَهَذِه أُمُور وجودية ثَابِتَة لَهُ فِي نَفسه ومحبة الرب لَهُ وَأمره بِهِ كَسَاه أمرا وجوديا زَاده حسنا إِلَى حسنه وَبَعضه لَهُ وَنَهْيه عَنهُ كَسَاه أمرا وجوديا زَاده قبحا إِلَى قبحه فَجعل ذَلِك كُله عدما مَحْضا ونفيا صرفا لَا يرجع إِلَى أَمر ثبوتي فِي غَايَة الْبطلَان والإحالة وَظهر والإحالة وَظهر أَن هَذَا الدَّلِيل فِي غَايَة الْبطلَان وَلم نتعرض للوجوه الَّتِي قَدَحُوا بهَا فِيهِ فَإِنَّهَا مَعَ طولهَا غير شافية وَلَا مقنعة فَمن اكْتفى بهَا فَهِيَ مَوْجُودَة فِي كتبهمْ وَأما المسلك الَّذِي اعْتَمدهُ كثير مِنْهُم كَالْقَاضِي وَأبي الْمَعَالِي وَأبي عَمْرو بن الْحَاجِب من الْمُتَأَخِّرين فَهُوَ أَن الْحسن والقبح لَو كَانَا ذاتيين لما اخْتلفَا باخْتلَاف الْأَحْوَال والمتعلقات والأزمان وَلَا ستحال وُرُود النّسخ على الْفِعْل لِأَن مَا ثَبت للذات فَهُوَ بَاقٍ ببقائها لَا يَزُول وَهِي بَاقِيَة وَمَعْلُوم أَن الْكَذِب يكون حسنا إِذا تضمن عصمَة دم نَبِي أَو مُسلم وَلَو كَانَ قبحه ذاتيا لَهُ لَكَانَ قبيحا ايْنَ وجد وَكَذَلِكَ مَا نسخ من الشَّرِيعَة لَو كَانَ حسنه لذاته لم يسْتَحل قبيحا وَلَو كَانَ قبحه لذاته لم يسْتَحل حسنا بالنسخ قَالُوا وَأَيْضًا لَو كَانَ ذاتيا لاجتمع النقيضان فِي صدق من
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute