للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالظفر وَعرفُوا عواقبه الحميدة أوجبه عَلَيْهِم حتما فانقادوا لَهُ طَوْعًا ورغبة ومحبة فَلَو أَتَاهُم الْأَمر بِهِ مفاجأة على ضعف وَقلة لنفروا عَنهُ أَشد النفار وَتَأمل الْحِكْمَة الباهرة فِي شرع الصَّلَاة أَولا إِلَى بَيت الْمُقَدّس إِذْ كَانَت قبْلَة الْأَنْبِيَاء فَبعث بِمَا بعث بِهِ الرُّسُل وَبِمَا يعرفهُ أهل الْكتاب وَكَانَ اسْتِقْبَال بَيت الْمُقَدّس مقررا لنبوته وَأَنه بعث بِمَا بعث بِهِ الْأَنْبِيَاء قبله وَإِن دَعوته هِيَ دَعْوَة الرُّسُل بِعَينهَا وَلَيْسَ بدعا من الرُّسُل وَلَا مُخَالفا لَهُم بل مُصدقا لَهُم مُؤمنا بهم فَلَمَّا اسْتَقَرَّتْ أَعْلَام نبوته فِي الْقُلُوب وَقَامَت شَوَاهِد صدقه من كل جِهَة وَشهِدت الْقُلُوب لَهُ بِأَنَّهُ رَسُول الله حَقًا وَإِن أَنْكَرُوا رسَالَته عنادا وحسدا وبغيا وَعلم سُبْحَانَهُ أَن الْمصلحَة لَهُ ولأمته أَن يستقبلوا الْكَعْبَة الْبَيْت الْحَرَام افضل بقاع الارض وأحبها إِلَى الله وَأعظم الْبيُوت وَأَشْرَفهَا وأقدمها قرر قبله أمورا كالمقدمات بَين يَدَيْهِ لعظم شَأْنه فَذكر النّسخ أَولا وَأَنه إِذا نسخ آيَة أَو حكما أَتَى بِخَير مِنْهُ أَو مثله وَأَنه على كل شَيْء قدير وَأَن لَهُ ملك السَّمَوَات وَالْأَرْض ثمَّ حذرهم التعنت على رَسُوله والإعراض كَمَا فعل أهل الْكتاب قبلهم ثمَّ حذرهم من أهل الْكتاب وعداوتهم وَأَنَّهُمْ يودون لَو ردوهم كفَّارًا فَلَا يسمعوا مِنْهُم وَلَا يقبلُوا قَوْلهم ثمَّ ذكر تَعْظِيم دين الْإِسْلَام وتفضيله على الْيَهُودِيَّة والنصرانية وَأَن أَهله هم السُّعَدَاء الفائزون لَا أهل الْأَمَانِي الْبَاطِلَة ثمَّ ذكر اخْتِلَاف الْيَهُود وَالنَّصَارَى وَشَهَادَة بَعضهم على بعض بِأَنَّهُم لَيْسُوا على شَيْء فحقيق بِأَهْل الْإِسْلَام إِن لَا يقتدوا بهم وَأَن يخالفوهم فِي هديهم الْبَاطِل ثمَّ ذكر جرم من منع عباده من ذكر اسْمه فِي بيوته ومساجده وَأَن يعبد فِيهَا وظلمه وَأَنه بذلك ساع فِي خرابها لِأَن عمارتها إِنَّمَا هِيَ بِذكر اسْمه وعبادته فِيهَا ثمَّ بَين أَن لَهُ الْمشرق وَالْمغْرب وَأَنه سُبْحَانَهُ لعظمته وإحاطته حَيْثُ اسْتقْبل الْمصلى فثم وَجهه تَعَالَى فَلَا يظنّ الظَّان أَنه إِذا اسْتقْبل الْبَيْت الْحَرَام خرج عَن كَونه مُسْتَقْبلا ربه وقبلته فَإِن الله وَاسع عليم ثمَّ ذكر عبودية أهل السَّمَوَات وَالْأَرْض لَهُ وَأَنَّهُمْ كل لَهُ قانتون ثمَّ نبه على عدم الْمصلحَة فِي مُوَافقَة أهل الْكتاب وَأَن ذَلِك لَا يعود باستصلاحهم وَلَا يُرْجَى مَعَه إِيمَانهم وَأَنَّهُمْ لن يرْضوا عَنهُ حَتَّى يتبع ملتهم وَضمن هَذَا تَنْبِيه لطيف على أَن موافقتهم فِي الْقبْلَة لَا مصلحَة فِيهَا فَسَوَاء وافقتهم فِيهَا أَو خالفتهم فَإِنَّهُم لن يرْضوا عَنْك حَتَّى تتبع ملتهم ثمَّ أخبر أَن هداه هُوَ الْهدى الْحق وحذره من اتِّبَاع أهوائهم ثمَّ انْتقل إِلَى تَعْظِيم إِبْرَاهِيم صَاحب الْبَيْت وبانيه وَالثنَاء عَلَيْهِ وَذكر إِمَامَته للنَّاس وَإنَّهُ أَحَق من اتبع ثمَّ ذكر جلالة الْبَيْت وفضله وشرفه وَأَنه أَمن للنَّاس ومثابة لَهُم يثوبون إِلَيْهِ وَلَا يقضون مِنْهُ وطرا وَفِي هَذَا تَنْبِيه على أَنه أَحَق بالاستقبال من غَيره ثمَّ أَمرهم أَن يتخذوا من مقَام إِبْرَاهِيم مصلى ثمَّ ذكر بِنَاء إِبْرَاهِيم وَإِسْمَاعِيل الْبَيْت وتطهيره بعهده وإذنه ورفعهما قَوَاعِده وسؤالهما ربهما الْقبُول مِنْهُمَا وَأَن تجعلهما مُسلمين لَهُ ويريهما مناسكهما وَيبْعَث فِي ذريتهما رَسُولا مِنْهُم يَتْلُو عَلَيْهِم آيَاته ويزكيهم

<<  <  ج: ص:  >  >>