للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واعدا مُهِمّ وَلم يتَضَرَّر سُبْحَانَهُ بذلك

اللَّازِم الرَّابِع أَن مَا فعله الرب تَعَالَى من الصّلاح وألاصلح وَتَركه من الْفساد والعبث لَو كَانَ وَاجِبا عَلَيْهِ لما اسْتوْجبَ بِفِعْلِهِ لَهُ حمدا وثناء فَإِنَّهُ فِي فعله ذَلِك قد قضي مَا وَجب عَلَيْهِ وَمَا استوجبه العَبْد بِطَاعَتِهِ من ثَوَابه فَإِنَّهُ عنْدكُمْ حَقه الْوَاجِب لَهُ على ربه وَمن قضى دينه لم يسْتَوْجب بِقَضَائِهِ شَيْئا آخر

اللَّازِم الْخَامِس أَن خلق إِبْلِيس وَجُنُوده أصلح لِلْخلقِ وأنفع لَهُم من أَن لم يخلق مَعَ أَن إقطاعه من الْعباد من كل ألف تِسْعمائَة وَتِسْعَة وَتسْعُونَ اللَّازِم السَّادِس انه مَعَ كَون خلقه أصلح لَهُم وأنفع أَن يكون أنظاره إِلَى يَوْم الْقِيَامَة أصلح لَهُم وأنفع من إهلاكه وإماتته

اللَّازِم السَّابِع أَن يكون تَمْكِينه من إغوائهم وجريانه مِنْهُم مجْرى الدَّم فِي أبشارهم أَنْفَع لَهُم وَأصْلح لَهُم من أَن يُحَال بَينهم وَبَينه

اللَّازِم الثَّامِن أَن يكون إماتة الرُّسُل أصلح للعباد من بقائهم بَين أظهرهم مَعَ هدايتهم لَهُم وَأصْلح من أَن يُحَال بَينهم وَبَينه اللَّازِم الثَّامِن أَن يكون إمانة الرُّسُل أصلح للعباد من بقائهم بَين أظهرهم مَعَ هدايتهم لَهُم وَأصْلح من أَن يُحَال بَينهم وَبَينهَا اللَّازِم التَّاسِع مَا ألزمهُ أَبُو الْحسن الأشعرى للجبائي وَقد سَأَلَهُ عَن ثَلَاثَة أخوة أمات الله أحدهم صَغِيرا وَأَحْيَا الآخرين فَاخْتَارَ أَحدهمَا الْإِيمَان وَالْآخر الْكفْر فَرفع دَرَجَة الْمُؤمن الْبَالِغ على أَخِيه الصَّغِير فِي الْجنَّة لعمله فَقَالَ أَخُوهُ يَا رب لم لَا تبلغني منزلَة أخي فَقَالَ إِنَّه عَاشَ وَعمل أعمالا اسْتحق بهَا هَذِه الْمنزلَة

فَقَالَ يَا رب فَهَلا أحييتني حَتَّى أعمل مثل عمله فَقَالَ كَانَ الْأَصْلَح لَك أَن توفيتك صَغِيرا لِأَنِّي علمت أَنَّك إِن بلغت اخْتَرْت الْكفْر فَكَانَ الْأَصْلَح فِي حَقك أَن أمتك صَغِيرا فَنَادَى أخوهما الثَّالِث من أطباق النَّار يَا رب فَهَلا عملت معي هَذَا الْأَصْلَح واختر متني صَغِيرا كَمَا عملته مَعَ أخي واخترمتني صَغِيرا فأسكت الجبائي وَلم يجبهُ بِشَيْء فَإِذا علم الله سُبْحَانَهُ أَنه لَو اخترم العَبْد قبل الْبلُوغ وَكَمَال الْعقل لَكَانَ ناجيا وَلَو أمهله وَسَهل لَهُ النّظر لعاند وَكفر وَجحد فَكيف يُقَال إِن الْأَصْلَح فِي حَقه إبقاؤه حَتَّى يبلغ وَالْمَقْصُود عنْدكُمْ بالتكليف الاستصلاح والتعويض بأسني الدَّرَجَات الَّتِي لَا تنَال إِلَّا بِالْأَعْمَالِ أَو لَيْسَ الْوَاحِد منا إِذا علم من حَال وَلَده أَنه إِذا أعطي مَالا يتجر بِهِ فَهَلَك وخسر بِسَبَب ذَلِك فَإِنَّهُ لَا يعرضه لذَلِك ويقبح مِنْهُ تعريضه لَهُ وَهُوَ من رب الْعَالمين حسن غير قَبِيح وَكَذَلِكَ من علم من حَال وَلَده انه لَو أعطَاهُ سَيْفا أَو سِلَاحا يُقَاتل بِهِ الْعَدو فَقتل بِهِ نَفسه وَأعْطى السِّلَاح لعَدوه فَإِنَّهُ يقبح مِنْهُ إِعْطَاؤُهُ ذَلِك السِّلَاح والرب تَعَالَى قد علم من أَكثر عباده ذَلِك وَلم يقبح مِنْهُ سُبْحَانَهُ تمكينهم وإعطاؤهم الْآلَات بل هُوَ حسن مِنْهُ كَيفَ وَقد ساعدوا على نُفُوسهم أَن الله سُبْحَانَهُ لَو علم أَنه لَو أرسل رَسُولا إِلَى خلقه وكلفه الْأَدَاء عَنهُ مَعَ علمه بِأَنَّهُ لَا يُؤدى فَإِن علمه سُبْحَانَهُ بذلك يصرفهُ عَن إِرَادَة الْخَيْر وَالصَّلَاح وَهَذَا بِمَثَابَة من أدلى حبلا إِلَى غريق ليخلص نَفسه من الْغَرق مَعَ علمه بِأَنَّهُ يخنق نَفسه بِهِ وَقد ساعدوا أَيْضا على نُفُوسهم بِأَن الله سُبْحَانَهُ إِذا علم أَن فِي تَكْلِيفه عبدا من عباده فَسَاد الْجَمَاعَة فَإِنَّهُ يقبح تَكْلِيفه لِأَنَّهُ استفساد لمن يعلم

<<  <  ج: ص:  >  >>