للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنه يكفر عِنْد تَكْلِيفه الْإِلْزَام الْحَادِي عشر أَنهم قَالُوا وَصَدقُوا بِأَن الرب تَعَالَى قَادر على التفضل بِمثل الثَّوَاب ابْتِدَاء بِلَا وَاسِطَة عمل فَأَي غَرَض لَهُ فِي تَعْرِيض الْعباد للبلوى والمشاق ثمَّ قَالُوا وكذبوا الْغَرَض فِي التَّكْلِيف أَن اسْتِيفَاء الْمُسْتَحق حَقه أهنا لَهُ وألذ من قبُول التفضل وَاحْتِمَال الْمِنَّة وَهَذَا كَلَام أَجْهَل الْخلق بالرب تَعَالَى وبحقه وبعظمته ومساو بَينه وَبَين أحاد النَّاس وَهُوَ من أقبح النِّسْبَة وأخبثه تَعَالَى الله عَن ضلالهم علوا كَبِيرا فَكيف يستنكف العَبْد الْمَخْلُوق المربوب من قبُول فضل الله تَعَالَى ومنته وَهل الْمِنَّة فِي الْحَقِيقَة إِلَّا الله المان بفضله قَالَ تَعَالَى يمنون عَلَيْك أَن أَسْلمُوا قل لَا تمنوا على إسلامكم بل الله يمن عَلَيْكُم إِن هدَاكُمْ للْإيمَان إِن كُنْتُم صَادِقين وَقَالَ تَعَالَى {لقد من الله على الْمُؤمنِينَ إِذْ بعث فيهم رَسُولا من أنفسهم يَتْلُو عَلَيْهِم آيَاته ويزكيهم وَيُعلمهُم الْكتاب وَالْحكمَة وَإِن كَانُوا من قبل لفي ضلال مُبين} وَلما قَالَ النَّبِي للْأَنْصَار ألم أَجِدكُم ضلالا فَهدَاكُم الله بِي وَعَالَة فَأَغْنَاكُمْ الله بِي فَأَجَابُوهُ بقَوْلهمْ الله وَرَسُوله أَمن وَيَا للعقول الَّتِي قد خسف بهَا أَي حق للْعَبد على الرب حَتَّى يمْتَنع من قبُول منته عَلَيْهِ فَبِأَي حق اسْتحق الْأَنْعَام عَلَيْهِ بالإيجاد وَكَمَال الْخلقَة وَحسن الصُّورَة وقوام البنية وإعطائه القوى وَالْمَنَافِع والآلات والأعضاء وتسخير مَا فِي السَّمَوَات وَمَا فِي الأَرْض لَهُ وَمن أقل مَاله عَلَيْهِ من النعم التنفس فِي الْهَوَاء الَّذِي لَا يكَاد يخْطر بِبَالِهِ أَنه من النعم وَهُوَ فِي الْيَوْم وَاللَّيْلَة أَرْبَعَة وَعِشْرُونَ ألف نفس فَإِذا كَانَت أقل نعمه عَلَيْهِم وَلَا أقل مِنْهَا أَرْبَعَة وَعِشْرُونَ ألف نعْمَة كل يَوْم وَلَيْلَة فَمَا الظَّن بِمَا هُوَ أجل مِنْهَا من النعم فيا للعقول السخيفة المخسوف بهَا أَي علم لكم وَأي سعي يُقَابل الْقَلِيل من نعمه الدُّنْيَوِيَّة حَتَّى لَا يبْقى لله عَلَيْكُم مِنْهُ إِذا أثابكم لأنكم استوفيتم ديونكم قبله وَلَا نعْمَة لَهُ عَلَيْكُم فِيهَا فَأَي أمة من الْأُمَم بلغ جهلها بِاللَّه هَذَا الْمبلغ واستنكفت عَن قبُول منته وَزَعَمت أَن لَهَا الْحق على رَبهَا وَأَن تفضله عَلَيْهَا ومنته مكدر لَا لتذاذها بعطائه وَلَو أَن العَبْد اسْتعْمل هَذَا الْأَدَب مَعَ ملك من مُلُوك الدُّنْيَا لمقته وأبعده وَسقط من عينه مَعَ أَنه لَا نعْمَة لَهُ عَلَيْهِ فِي الْحَقِيقَة إِنَّمَا الْمُنعم فِي الْحَقِيقَة هُوَ الله ولى النعم وموليها وَلَقَد كشف الْقَوْم عَن أقبح عَورَة من عورات الْجَهْل بِهَذَا الرَّأْي السخيف وَالْمذهب الْقَبِيح وَالْحَمْد لله الَّذِي عَافَانَا مِمَّا ابتلى بِهِ أَرْبَاب هَذَا الْمَذْهَب المستنكفين من قبُول منَّة الله الزاعمين أَن مَا أنعم الله بِهِ عَلَيْهِم حَقهم عَلَيْهِ وحقهم قبله وَأَنه لَا يسْتَحق الْحَمد وَالثنَاء على أَدَاء مَا عَلَيْهِ من الدّين وَالْخُرُوج مِمَّا عَلَيْهِ من الْحق لِأَن أَدَاء الْوَاجِب يَقْتَضِي غَيره تَعَالَى الله عَن إفكهم وكذبهم علوا كَبِيرا

الْإِلْزَام الثَّانِي عشر أَنه يلْزمهُم أَن يوجبوا على الله عز وَجل أَن يُمِيت كل من علم من الْأَطْفَال أَنه لَو بلغ لكفر وعاند فَإِن اخترامه هُوَ الْأَصْلَح لَهُ بِلَا ريب أَو أَن يجحدوا علمه سُبْحَانَهُ بِمَا سَيكون قبل كَونه كَمَا الْتَزمهُ سلفهم الْخَبيث الَّذين

<<  <  ج: ص:  >  >>