اتّفق سلف الْأمة الطّيب على تكفيرهم وَلَا خلاص لَهُم عَن أحد هذَيْن الإلزامين إِلَّا بِالْتِزَام مَذْهَب أهل السّنة وَالْجَمَاعَة أَن أَفعَال الله تَعَالَى لَا نقاس بِأَفْعَال عباده وَلَا تدخل تَحت شرائع عُقُولهمْ القاصرة بل أَفعاله لَا تشبه أَفعَال خلقه وَلَا صِفَاته صفاتهم وَلَا ذَاته ذواتهم {لَيْسَ كمثله شَيْء وَهُوَ السَّمِيع الْبَصِير}
الْإِلْزَام الثَّالِث عشر أَنه سُبْحَانَهُ لَا يؤلم أحدا من خلقه أبدا لعدم الْمَنْفَعَة فِي ذَلِك بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ وَإِلَى العَبْد وَلَا ينفعكم اعتذاركم بِأَن الإيلام سَبَب مضاعفة الثَّوَاب ونيل الدَّرَجَات العلى وَأَن هَذَا ينْتَقض بِالْحَيَوَانِ البهيم وينتقض بالأطفال الَّذين لَا يسْتَحقُّونَ ثَوابًا وَلَا عقَابا وَلَا ينفعكم اعتذاركم بِأَن الطِّفْل ينْتَفع بِهِ فِي الْآخِرَة فِي زِيَادَة ثَوَابه لَا نتقاضه عَلَيْكُم بالطفل الَّذِي علم الله أَنه يبلغ ويختار الْكفْر والجحود فَأَي مصلحَة لَهُ فِي إيلامه وَأي معنى ذكر تموه على أصولكم الْفَاسِدَة فَهُوَ منتقض عَلَيْكُم بِمَا لَا جَوَاب لكم عَنهُ
الْإِلْزَام الرَّابِع عشر ان من علم الله سُبْحَانَهُ إِذا بلغ الْأَطْفَال يختاروا الْإِيمَان وَالْعَمَل الصَّالح فَأن الْأَصْلَح فِي حَقه أَن يحييه حَتَّى يبلغ ويؤمن فينال بذلك الدرجَة الْعَالِيَة وَأَن لَا يحترمه صَغِيرا وَهَذَا مِمَّا لَا جَوَاب لكم عَنهُ الْإِلْزَام الْخَامِس عشر وَهُوَ من أعظم الإلزامات وأصحها الزاما وَقد الْتَزمهُ الْقَدَرِيَّة وَهُوَ أَنه لَيْسَ فِي مَقْدُور الله تَعَالَى لطف لَو فعله الله تَعَالَى بالكفار لآمنوا وَقد الْتزم الْمُعْتَزلَة الْقَدَرِيَّة هَذَا اللَّازِم وَبَنوهُ على أصلهم الْفَاسِد أَنه يجب على الله تَعَالَى أَن يفعل فِي حق كل عبد مَا هُوَ الْأَصْلَح لَهُ فَلَو كَانَ فِي مقدوره فعل يُؤمن العَبْد عِنْده لَو جب عَلَيْهِ أَن يَفْعَله بِهِ وَالْقُرْآن من أَوله إِلَى آخِره يرد هَذَا القَوْل ويكذبه ويخبر تَعَالَى أَنه لَو شَاءَ لهدى النَّاس جَمِيعًا وَلَو شَاءَ لَا من من فِي الأَرْض كلهم جَمِيعًا وَلَو شَاءَ لآتي كل نفس هداها
الْإِلْزَام السَّادِس عشر وَهُوَ مِمَّا الْتَزمهُ الْقَوْم أَيْضا أَن لطفه وَنعمته وتوفيقه بِالْمُؤمنِ كلطفه بالكافر وَأَن نعْمَته عَلَيْهِمَا سَوَاء لم يخص الْمُؤمن بِفضل عَن الْكَافِر وَكفى بِالْوَحْي وصريح الْمَعْقُول وفطرة الله وَالِاعْتِبَار الصَّحِيح وَإِجْمَاع الْأمة ردا لهَذَا القَوْل وتكذيبا لَهُ الْإِلْزَام السَّابِع عشر أَن مَا من أصلح إِلَّا وفوقه مَا هُوَ أصلح مِنْهُ والاقتصار على رُتْبَة وَاحِدَة كالاقتصار على الصّلاح فَلَا معنى لقولكم يجب مُرَاعَاة الْأَصْلَح إِذْ لَا نِهَايَة لَهُ فَلَا يُمكن فِي الْفِعْل رعايته
الْإِلْزَام الثَّامِن عشر أَن الْإِيجَاب وَالتَّحْرِيم يَقْتَضِي سُؤال الْمُوجب الْمحرم لمن أوجب عَلَيْهِ وَحرم هَل فعل مُقْتَضى ذَلِك أم لَا وَهَذَا محَال فِي حق من لَا يسئل عَمَّا يفعل وَإِنَّمَا يعقل فِي حق المخلوقين وَأَنَّهُمْ يسْأَلُون وَبِالْجُمْلَةِ فتحتم بِهَذِهِ المسئلة طَرِيقا للإستغناء عَن الصَّوَاب وسلطتم بهَا الفلاسفة والصابئة والبراهمة وكل مُنكر للنبوات فَهَذِهِ المسئلة بَيْننَا وَبينهمْ فانكم إِذا زعمتم أَن الْعقل حَاكما يحسن ويقبح وَيُوجب وَيحرم ويتقاضى الثَّوَاب وَالْعِقَاب لم تكن الْحَاجة إِلَى الْبعْثَة ضَرُورِيَّة لِإِمْكَان الإستغناء عَنْهَا بِهَذَا الْحَاكِم وَلِهَذَا قَالَت الفلاسفة وزادت عَلَيْكُم حجَّة وتقريرا قد اشْتَمَل الْوُجُود على خير مُطلق وَشر مُطلق وَخير وَشر ممتزجين وَالْخَيْر الْمُطلق مَطْلُوب فِي الْعقل لذاته وَالشَّر الْمُطلق