للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذَلِك الطَّرِيق كثيرا جدا وَأَن يكون سَلامَة البصراء غالبة جدا إِذا عرفت هَذَا فَنَقُول مِثَال العميان عِنْد الأحكاميين الَّذِي لَا يعْرفُونَ أَحْكَام النُّجُوم وهم الْأَكْثَرُونَ من الْخَلَائق وَمِثَال البصراء عِنْدهم هم أهل هَذَا الْعَمَل وهم الأقلون وَمِثَال الطَّرِيق الَّذِي حصلت فِيهِ الْآثَار العميقة الْمهْلكَة الزَّمَان الَّذِي يمضى على الْخلق أَجْمَعِينَ وَمِثَال تِلْكَ الْآثَار المصائب الزمانية والمحن والبلايا فَلَو كَانَ هَذَا الْعلم صَحِيحا لوَجَبَ أَن يكون فوز المنجمين بالغني والسلامة وَالنعَم أتم فوز وسلامتهم فَوق كل سَلامَة وَمَعْلُوم أَن الْأَمر بِالْعَكْسِ وَالْغَالِب كَون المنجمين بالغنى والسلامة وَالنعَم أتم فوز وسلامتهم فَوق كل سَلامَة وَمَعْلُوم أَن الامر بِالْعَكْسِ وَالْغَالِب كَون المنجمين وَمن سمع مِنْهُم وَعمل بقَوْلهمْ فِي الأدبار والنحس والحرمان وَالْوَاقِع أبين شَاهد بذلك وَلَو ذَهَبْنَا نذْكر الوقائع الَّتِي شوهدت من ذَلِك واشتملت عَلَيْهَا التواريخ لزادت على أُلُوف عديدة فَلَا نجد أحدا راعي هَذَا الْعلم وتقيد بِهِ فِي حركاته واختياراته إِلَّا وَكَانَت عاقبته قَرِيبا إِلَيّ ادبار ونكاية وبلايا لَا يصاب بهَا سواهُ وَمن كثر خبْرَة بأحوال النَّاس فانه يعرف من ذَلِك مَالا يعرف غَيره

الْوَجْه الثَّانِي عشر انا نشاهد عَالما كثيرا يقتلُون فِي سَاعَة وَاحِدَة فِي حَرْب وخلقا يغرقون فِي سَاعَة وَاحِدَة مَعَ الْقطع باخْتلَاف طوالعهم واقتضائها عنْدكُمْ احوالا مُخْتَلفَة وَلَو كَانَ للطوالع تَأْثِير فِي هَذَا لامتنع عِنْد اختلافها الِاشْتِرَاك فِي ذَلِك وَلَا ينفعكم جَوَاب من انتصر لكم بَان الطوالع قد يكون بَعْضهَا أقوى من بعض وَلَعَلَّ طالع الْوَقْت أقوى من طالع الأَصْل وَكَانَ الحكم لَهُ فان طالع الْوَقْت لَعَلَّه اقْتضى هَلَاكًا أَو غرقا عَاما وَهُوَ أقوى من طالع الأَصْل فَكَانَ التَّأْثِير لَهُ لانا نقُول هَذَا بِعَيْنِه يبطل عَلَيْكُم طالع الْمَوْلُود وَالْأَصْل ويحيل القَوْل بتأثيره واعتباره جملَة فان الطوالع بعده مُخْتَلفَة كَثِيرَة وَاصل بَعْضهَا أَو اكثرها أقوى مِنْهُ فَيكون الحكم بِمُوجبِه بَاطِلا أذلا أَمَان لكم من اقْتِضَاء الطوالع بعده ضد مَا اقْتَضَاهُ وَحِينَئِذٍ فَلَا يُفِيد اعْتِبَاره شَيْئا

الْوَجْه الثَّالِث عشر انا نرى الجيشين العظيمين والحزبين المتقابلين يقتتلان ويختصمان وَقد اخذ طالع الْوَقْت لكل مِنْهُمَا وَمَعَ هَذَا فالمنصور وَالْغَالِب أَحدهمَا مَعَ أَن الطالع وَاحِد وَلَا ينفعكم فِي هَذَا جَوَاب من انتصر لكم بِأَنَّهُ لَا مَانع من القَوْل بخطأ الْأَخْذ للطالع فِي الْحساب وَالْحكم فانه لَو اخذ لَهما أَي طالع كَانَ لم يكن الْغَالِب إِلَّا أَحدهمَا حَتَّى لَو كَانَ الطالع قطعا لَا يتَصَوَّر فِيهِ الْغَلَط لم يكن بُد من كَون أَحدهمَا غَالِبا والأخر مَغْلُوبًا وَهَذَا يبطل مَذْهَب الْأَحْكَام بِلَا ريب

الْوَجْه الرَّابِع عشر أَن الْأَجْزَاء المفترضة فِي الْفلك أما أَن تكون متشابهة فِي الطبيعة والماهية أَو مُخْتَلفَة فِيهَا فان كَانَت مُتَسَاوِيَة كَانَ الْجُزْء الَّذِي هُوَ الطالع مُسَاوِيا لسَائِر الْأَجْزَاء وَحكم سَائِر الْأَجْزَاء وَاحِد وَأَن كَانَت الْأَجْزَاء مُخْتَلفَة فِي الْمَاهِيّة والطبيعة فَلَا ريب أَن الْفلك جرمه فِي غَايَة الْعظم حَتَّى قَالُوا أَن الرجل الشَّديد الْعَدو إِذا رفع رجله ووضعها يكن الفولمك قد تحرّك ثَلَاثَة آلَاف ميل وَإِذا كَانَ كَذَلِك فَمن الْوَقْت

<<  <  ج: ص:  >  >>