الَّذِي ينْفَصل الْوَلَد من بطن أمه إِلَيّ أَن يَأْخُذ المنجم الاسطرلاب وَيَأْخُذ الِارْتفَاع يكون الْفلك قد تحرّك مثل كل الأَرْض وَكَذَا الف مرّة وَإِذا كَانَ الْأَمر كَذَلِك فالجزء الَّذِي يَأْخُذهُ المنجم بالاسطرلاب لَيْسَ الْجُزْء الطالع فِي الْحَقِيقَة وَإِذا كَانَت الْأَجْزَاء الفلكية مُخْتَلفَة فِي الطبيعة والماهية علمنَا أَن اخذ الطوالع محَال وَقد اعْترف فضلاؤكم بِهَذَا وَقَالُوا أَن الْأَمر وَأَن كَانَ كَذَلِك إِلَّا أَن التجربة قد دلّت على أَن هَذَا الطالع الَّذِي تعذر على الْإِنْسَان تَحْصِيله يدل على كثير من مُقَدّمَة الْمعرفَة مَعَ مَا فِيهِ من الْخلَل الْكثير الَّذِي ذكرْتُمْ فَوَجَبَ أَن لَا يهمل وَهَذَا خطأ بَين فان التجارب الَّتِي دلّت على كذب ذَلِك وبطلانه وووقوع الْأَمر بِخِلَافِهِ أَضْعَاف أَضْعَاف التجربة الَّتِي دلّت على صدقه كَمَا سنذكر قَطْرَة من بحره عَن قريب أَن شَاءَ الله وَلِهَذَا قَالَ أَبُو نصر الفارابي وَاعْلَم انك لَو قلبت أوضاع المنجمين فَجعلت الْحَار بَارِدًا والبارد حارا والسعد نحسا والنحس سَعْدا وَالذكر أُنْثَى وَالْأُنْثَى ذكرا ثمَّ حكمت لكَانَتْ أحكامك من جنس أحكامهم تصيب تَارَة وتخطىء تارات وَهل مَعَهم إِلَّا الحدس والتخمين والظنون الكذابة وَلَقَد حكى أَن امْرَأَة أَتَت منجما فَأَعْطَتْهُ درهما فاخذ طالعها وَحكم وَقَالَ الطالع يخبر بِكَذَا فَقَالَت لم يكن شَيْء من ذَلِك ثمَّ اخذ الطالع وَقَالَ يخبر وبكذا فأنكرته حَتَّى قَالَ انه ليدل على قطع فِي بَيت المَال فَقَالَت الآنصدقت وَهُوَ الدِّرْهَم الَّذِي دفعت إِلَيْك
الْوَجْه الْخَامِس عشر أَن الْأَجْسَام لَا تنفعل من غَيرهَا إِلَّا بِوَاسِطَة المماسة وَهَذِه الْكَوَاكِب لامماسة لَهَا بأعضائنا وأبداننا وأرواحنا فَيمْتَنع كَونهَا فاعلة فِينَا أقْصَى مَا فِي الْبَاب أَن يُقَال أَنَّهَا وان لم تكن مماسة لأعضائنا إِلَّا أَن شعاعها يصل إِلَيّ أجسامنا فَيُقَال لَا ريب أَن تَأْثِير الشعاع إِنَّمَا يكون بالتسخين عِنْد المسامتة أَو بالتبريد عِنْد الانحراف عَن المسامته فَهَذَا بعد تَصْحِيحه يَقْتَضِي أَن لَا يكون لهَذِهِ الْكَوَاكِب تَأْثِير فِي هَذَا الْعَالم إِلَّا على سَبِيل التسخين والتبريد فَأَما أَن تُعْطى الْعُلُوم الْأَخْلَاق والمحبة والبغضاء والموالاة والمعاداة والعفة وَالْحريَّة والنذالة والخبث وَالْمَكْر والخديعة فَذَلِك خَارج عَن مَعْقُول الْعُقَلَاء وَهُوَ من حمقات الاحكاميين وجهالاتهم فان قيل التَّأْثِير بالتسخين والتبريد يُوجب اخْتِلَاف أمزجة الْأَبدَان وَاخْتِلَاف امزجة الْأَبدَان وَيُوجب اخْتِلَاف أَفعَال النَّفس قيل فَنحْن نرى التسخين يَقْتَضِي حرارة وحدة فِي المزاج يفعل بهَا هَذَا غَايَة الْخَيْر وَالْأَفْعَال الحميدة وَهَذَا غَايَة الشَّرّ وَالْأَفْعَال الخبيثة والشعاع قد سخن مركبها فَمَا الْمُوجب لانفعال نفسيهما عَن هَذَا التسخين هَذَا الانفعال المتباعد المتناقض وَأَيْضًا فَمَا الْمُوجب لاخْتِلَاف القوابل وتأثير الْكَوَاكِب فِيهَا بطبعه وتسخينه وتبريده فَكيف اخْتلفت القوابل هَذَا الِاخْتِلَاف الْعَظِيم وَهِي مستندة إِلَيّ تَأْثِير وَاحِد
الْوَجْه السَّادِس عشر أَن رجلا لَو جلس فِي دَار لَهَا بَابَانِ شَرْقي وَغَرْبِيٌّ فَسَأَلَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute