للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَوَاضِع فَعِنْدَ ذَلِك يَنْتَهِي منتهاه فَإِذا زَالَ الْقَمَر من مغرب ذَلِك الْموضع ابْتَدَأَ الْمَدّ من تَحت الأَرْض وَلَا يزَال زَائِدا إِلَى أَن يصل الْقَمَر إِلَى وتد الأَرْض فَحِينَئِذٍ يَنْتَهِي الْمَدّ منتهاهمنتهاه ثمَّ يبتديء الجزر ثَانِيًا وَيرجع المَاء كَمَا كَانَ وسكان الْبَحْر كلما رَأَوْا فِي الْبَحْر انتفاخا وهيجان ريَاح عَاصِفَة وأمواج شَدِيدَة علمُوا أَنه ابْتَدَأَ الْمَدّ فَإِذا ذهب الانتفاخ وَقلت الأمواج والرياح علمُوا أَنه وَقت الجزر وَأما أَصْحَاب الشطوط والسواحل فانهم يَجدونَ عِنْدهم فِي وَقت الْمَدّ للْمَاء حَرَكَة من أَسْفَله إِلَى أَعْلَاهُ فَإِذا رَجَعَ المَاء وَنزل فَذَلِك وَقت الجزر وَكَذَلِكَ أَيَّام بحرانات الْأَمْرَاض بِحَسب زِيَادَة الْقَمَر ونقصانه منطبقة عَلَيْهَا وَكَذَلِكَ الأخلاط الَّتِي فِي بدن الْإِنْسَان مادام الْقَمَر آخِذا فِي الزِّيَادَة فَإِنَّهَا تكون أَزِيد وَيكون ظَاهر الْبدن أَكثر رُطُوبَة وحسنا فَإِذا نقص ضوء الْقَمَر صَارَت الأخلاط فِي غور الْبدن وَالْعُرُوق وأزداد ظَاهر الْبدن يبسا وَكَذَلِكَ ألبان الْحَيَوَانَات تتزايد من أول الشَّهْر إِلَى نصفه فَإِذا أَخذ الْقَمَر فِي النُّقْصَان نقصت غزارتها وَكَذَلِكَ أدمغة الْحَيَوَانَات فِي أول الشَّهْر أَزِيد مِنْهَا فِي نصفه الْأَخير وَإِن حدث فِي أَجْوَاف الطُّيُور بيض فِي النّصْف الأول من الشَّهْر كَانَ بياضه أَكثر من بَيَاض الْحَادِث فِي نصفه الثَّانِي وَكَذَلِكَ الْإِنْسَان إِذا نَام أَو قعد فِي ضوء الْقَمَر حدث فِي بدنه الاسترخاء والكسل وهاج عَلَيْهِ الزُّكَام والصداع وَإِذا وضعت لُحُوم الْحَيَوَانَات مكشوفة تَحت ضوء الْقَمَر تَغَيَّرت طعومها وتعفنت وَكَذَلِكَ السّمك فِي الْبحار وَالْآجَام الْجَارِيَة تُوجد من أول الشَّهْر إِلَى وَقت الامتلاء أَكثر وخروجها من قعور الْبحار وَالْآجَام أظهر وَمن بعد الامتلاء إِلَى الِاجْتِمَاع فَإِنَّهَا تدخل قعور الْبحار وَالْآجَام الَّذِي يظْهر من سمين السّمك فالنصف الأول أَكثر من الَّذِي يظْهر فِي الثَّانِي مِنْهُ وَكَذَلِكَ حرشة الأَرْض يكون خُرُوجهَا من إجحرتها فِي النّصْف الأول من الشَّهْر أَكثر من خُرُوجهَا فِي النّصْف الثَّانِي وَأَصْحَاب الْغِرَاس يَزْعمُونَ أَن الْأَشْجَار والغروس إِذا غرست وَالْقَمَر زَائِد الضَّوْء كَانَ نشؤها وكمالها وإسراعها فِي النَّبَات أَحْمد من الَّتِي تغرس فِي محاقة وَذَهَاب نوره وَكَذَلِكَ تكون الرياحين والبقول والأعشاب من الِاجْتِمَاع إِلَى الامتلاء أَزِيد نشوا وَأكْثر نموا وَفِي النّصْف الثَّانِي بالضد من ذَلِك وَكَذَلِكَ القثاء والقرع وَالْخيَار والبطيخ يَنْمُو نموا بَالغا عِنْد ازدياد الضَّوْء وَأما فِي وسط الشَّهْر عِنْد حُصُول الإمتلاء فهناك يعظم النمو حَتَّى يظْهر التَّفَاوُت للحس فِي اللَّيْلَة الْوَاحِدَة وَكَذَلِكَ الْيَنَابِيع تزداد فِي النّصْف الأول من الشَّهْر وتنقص فِي النّصْف الثَّانِي إِلَى غير ذَلِك من الْوُجُوه الَّتِي تُؤثر فِيهَا الشَّمْس وَالْقَمَر فِي هَذَا الْعَالم فَنحْن لم ندفعكم عَن هَذِه التأثيرات وإضعافها إِنَّمَا الَّذِي أنكرهُ عَلَيْكُم الْعُقَلَاء من أهل الْملَل وَغَيرهم أَن جملَة الْحَوَادِث فِي هَذَا الْعَالم خَيرهَا وشرها وصلاحها وفسادها وَجَمِيع أشخاصه وأنواعه وصوره وَقواهُ ومدد بَقَاء أشخاصه وَجَمِيع أحوالها الْعَارِضَة لَهَا وَتَكون الْجَنِين وَمُدَّة لبثه فِي بطن أمه وَخُرُوجه إِلَى الدُّنْيَا

<<  <  ج: ص:  >  >>