للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَقُول الطبيعي بتقطع الْفلك وقسمته كَمَا قسمه المنجمون قسْمَة وهمية إِلَى بروج ودرج ودقائق وَذَلِكَ جَائِز للمتوهم كجواز غَيره غير وَاجِب فِي الْوُجُود وَلَا حَاصِل ونقلوا ذَلِك التَّوَهُّم الْجَائِز إِلَى الْوُجُود الْوَاجِب فِي أحكامهم وَكَانَ الأَصْل فِيهِ على زعمهم حَرَكَة الشَّمْس فِي الْأَيَّام والشهور فَجعلُوا مِنْهَا قسْمَة وهمية وجعلوها حَيْثُ حكمُوا كالحاصلة الوجودية المتميزة بحدود وخطوط كَأَن الشَّمْس بحركتها من وَقت إِلَى وَقت مثله خطت فِي السَّمَاء خُطُوطًا وأقامت فِيهَا جدرانا وحدودا وغرست فِي أَجْزَائِهَا طباعا مُعْتَبرا بِنَفْي فَتبقى بِهِ الْقِسْمَة إِلَى تِلْكَ البروج والدرج مَعَ جَوَاز الشَّمْس عَنْهَا وَلَيْسَ فِي جَوْهَر الْفلك اخْتِلَاف يتَمَيَّز مَوضِع مِنْهُ عَن مَوضِع سوى الْكَوَاكِب وَالْكَوَاكِب تتحرك عَن أمكنتها فَتبقى الْأَمْكِنَة على التشابه فَمَا يتَمَيَّز دَرَجَة عَن دَرَجَة وَيبقى اختلافها بعد حَرَكَة المتحرك فِي سمتها فَكيف يقيس الطبيعي على هَذِه الاصول وينتج مِنْهَا نتائج وَيحكم بحسنها أحكاما فَكيف أَن يَقُول بالحدود الَّتِي تجْعَل خمس دَرَجَات من برج الْكَوْكَب وَسِتَّة لآخر وَأَرْبَعَة لآخر وَيخْتَلف فِيهَا المصريون والبابليون وَيصدق الحكم مَعَ الِاخْتِلَاف وأرباب اليبوسات كَأَنَّهَا أَمْلَاك بنيت بصكوك وحكام الْأسد للشمس والسرطان للقمر وَإِذا نظر النَّاظر وجد الْأسد اسدا من جِهَة كواكب شكلوها بشكل الْأسد ثمَّ انْتَقَلت عَن موَاضعهَا الَّتِي كَانَ بهَا أسدا كَأَن الْملك بنيت للشمس مَعَ انْتِقَال السَّاكِن وَكَذَلِكَ السرطان للقمر هَذَا من ظواهر الصِّنَاعَة وَمَا لَا يمارى فِيهِ وَمن طالعه الْأسد فالشمس كوكبه وربه بَيته وَمن الدقائق فِي الْحَقَائِق النجومية المذكرة والمؤنثة والمظلمة والنيرة والزائدة فِي السَّعَادَة ودرج الْآثَار من جِهَة أَنَّهَا أَجزَاء الْفلك الَّتِي قطعوها وَمَا انْقَطَعت مَعَ انْتِقَال أَن الْكَوْكَب ينظر إِلَى الْكَوْكَب من سِتِّينَ دَرَجَة نظر تسديس لانه سدس الْفلك وَلَا ينظر إِلَيْهِ من خمسين وَلَا سبعين وَقد كَانَ قبل السِّتين بِخمْس درج وَهُوَ اقْربْ من سِتِّينَ وَبعدهَا بِخمْس درج وَهُوَ ابعد من السِّتين لَا ينظر فليت شعري مَا هُوَ هَذَا النّظر أَتَرَى الْكَوْكَب يظْهر للكوكب ثمَّ يحتجب عَنهُ أَو شعاعه يخْتَلط بشعاعه عِنْد حد لَا يخْتَلط بِهِ قبله وَلَا بعده وَكَذَلِكَ التربيع من الرّبع الَّذِي هُوَ تسعون دَرَجَة والتثليث من الثُّلُث الَّذِي هُوَ مائَة وَعِشْرُونَ فَلم لَا يكون التخميس من الْخمس والتسبيع من السَّبع والتعشير من الْعشْر وَالْحمل حَار يَابِس من البروج النارية والثور بَارِد يَابِس من الأرضية والجوزاء حارة رطبَة من الهوائية والسرطان بَارِد رطب من المائية مَا قَالَ الطبيعي قطّ هَذَا وَلَا يَقُول بِهِ وَإِذا احْتَجُّوا وقاسوا كَانَت مبادىء قياساتهم أَن الْحمل مُنْقَلب لِأَن الشَّمْس إِذا نزلت فِيهِ يَنْقَلِب الزَّمَان من الشتَاء إِلَى الرّبيع والثور ثَابت لِأَنَّهُ إِذا نزلت الشَّمْس فِيهِ يثبت الرّبيع على ربيعيته وَالْحق أَنه لَا انقلاب فِي الْحمل وَلَا ثبات فِي الثور بل هُوَ فِي كل يَوْم غير

<<  <  ج: ص:  >  >>