للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا تنَاقض فِيهِ بل هُوَ حق وَاجِب قَالُوا إِذا أردنَا أَن نَعْرِف حَال سقراط مثلا من حَيْثُ هُوَ إِنْسَان أَلَيْسَ ينظر إِلَى مَا يخص الْحَيَوَان وَالْإِنْسَان الْكُلِّي وَإِذا أردنَا أَن نَعْرِف حَاله من حَيْثُ هُوَ أَب أَن نَنْظُر إِلَى الْمُضَاف وَمَا يلْحقهُ وَإِذا أردنَا أَن نَعْرِف حَاله من حَيْثُ هُوَ عَالم نَنْظُر إِلَى الْكَيْفِيَّة وَمَا يَخُصهَا وَالْأول جَوْهَر وَالْبَاقِي أَعْرَاض وسقراط وَاحِد ونعرف أَحْوَاله من مَوَاضِع مُخْتَلفَة متباينة مرّة يكون جوهرا وَمرَّة عرضا فَكَذَلِك إِذا أردنَا أَن نَعْرِف حَاله من مولده نَظرنَا إِلَى الطالع وربه وَإِذا أردنَا أَن نَعْرِف حَاله من مولد أَبِيه نَظرنَا إِلَى الْعَاشِر وَالشَّمْس وَكَذَلِكَ إِذا أردنَا أَن نَعْرِف حَاله من مولد ابْنه نَظرنَا إِلَى مَوضِع آخر وَلَيْسَ ذَلِك متناقضا كَمَا أَن الأول لَيْسَ متناقضا فَيُقَال هَذَا تَنْبِيه فَاسد وَاعْتِبَار بَاطِل فَأَنا نَظرنَا فِي طالع الْأَب لنستدل بِهِ على حَال الْوَلَد ونظركم فِي الطالع لتستدلوا بِهِ على حَال الْأَب هُوَ اسْتِدْلَال على شَيْء وَاحِد وَحكم عَلَيْهِ بِسَبَب لَا يَقْتَضِيهِ وَلَا يُفَارِقهُ فَأَيْنَ هَذَا من تعرف إنسانية سقراط وأبوته وعدالته وَعلمه مثلا وطبيعته فَإِن هَذِه أَحْوَال مُخْتَلفَة لَهَا أَدِلَّة وَأَسْبَاب مُخْتَلفَة فنظيرها أَن نَعْرِف حَال الْوَلَد من جِهَة سعادته ومحبته وَصِحَّته وسقمه من طالعه وحاله من جِهَة مَا يُنَاسِبه من الأغذية والأدوية من مزاجه وحاله من جِهَة أَفعاله ورئاسته من أخلاقه كالحياء وَالصَّبْر والبذل وحاله من جِهَة اعْتِدَال مزاجه من اعْتِدَال أَعْضَائِهِ وتركيبه وَصورته فَهَذِهِ أَحْوَال بِحَسب اخْتِلَاف أَسبَابهَا فَأَيْنَ هَذَا من أَخذ حَال الْوَلَد وعمره وسعادته وشقاوته من طالع أَبِيه وَبِالْعَكْسِ فَالله يعين الْعُقَلَاء على تلبيسكم ومحالكم وَيثبت عَلَيْهِم مَا وهبهم من الْعُقُول الَّتِي رغبت بهَا وَرَغبُوا بهَا عَن مثل مَا أَنْتُم عَلَيْهِ

قَالَ وَزعم بطليموس أَن الْفلك إِذا كَانَ على شكل مَا ذكره فِي مولد مَا وَكَانَت الْكَوَاكِب فِي مَوَاضِع ذكرهَا وَجب أَن يكون الْوَلَد أَبيض اللَّوْن سبطا وَإِن وجد مَوْلُود فِي بِلَاد الْحَبَشَة والفلك متشكل على ذَلِك الشكل وَالْكَوَاكِب فِي الْمَوَاضِع الَّتِي ذكرهَا لم يمض ذَلِك الحكم عَلَيْهِ وَمضى على الْمَوْلُود إِن كَانَ من الصقالبة أَو من قرب مزاجه من مزاجهم وَزعم أَن الْفلك إِذا كَانَ على شكل مَا ذكره فِي مولد مَا وَكَانَت الْكَوَاكِب فِي مَوَاضِع ذكرهَا فَإِن صَاحب الْوَلَد يتَزَوَّج أُخْته إِن كَانَ مصريا فَإِن لم يكن مصريا لم يَتَزَوَّجهَا وَزعم أَن الْفلك إِذا كَانَ على شكل آخر ذكره فِي مولد من المواليد وَكَانَت الْكَوَاكِب فِي مَوَاضِع بَينهمَا تزوج الْوَلَد بِأُمِّهِ إِن كَانَ فارسيا وَإِن لم يكن فارسيا لم يَتَزَوَّجهَا

وَهَذِه مناقضة شنيعة لِأَنَّهُ ذكر عِلّة ومعلولا يُوجد بوجودها وترتفع بارتفاعها ثمَّ ذكر أَنَّهَا تُوجد من غير أَن يُوجد معلولها

قلت أَرْبَاب هَذَا الْفَنّ يَقُولُونَ لَا بُد من معرفَة الْأُصُول الَّتِي يحكم عَلَيْهَا لِئَلَّا يغلط الْحَاكِم وَيذْهب كَلَامه إِن لم يعرف الْأُصُول وهى الْجِنْس والشريعة والأخلاق والعادات مِمَّا يحْتَاج المنجم إِن يحصلها ثمَّ يحكم عَلَيْهَا وَكَذَلِكَ قَالَ بطليموس أَنه يجب على المنجم النّظر فِي صور الْأَبدَان وخواص حالات الْأَنْفس

<<  <  ج: ص:  >  >>