للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قبل عَيْنك مَا تخفي عَلَيْك خفيه ومكنونه تذللا لله تقدس اسْمه فِيمَا استبان لَك معلومه ووضح عنْدك مظنونه ثمَّ قَالَ أعلم أَن الْعلم بِهِ حق وَلَكِن الْإِصَابَة بعيدَة وَلَيْسَ كل بعيد محالا وَلَا كل قريب صَوَابا وَلَا كل صَوَاب مَعْرُوفا وَلَا كل محَال مَوْصُوفا وَإِنَّمَا كَانَ الْعلم حَقًا وَالِاجْتِهَاد فِيهِ مبلغا وَالْقِيَاس فِيهِ صَوَابا وبذل السَّعْي دونه مَحْمُودًا لاشتبال هَذَا الْعَالم السفلي بذلك الْعَالم الْعلوِي واتصال هَذِه الْأَجْسَام الْقَابِلَة بِتِلْكَ الْأَجْسَام الفاعلة واستحالة هَذِه الصُّور بحركات تِلْكَ المحركات المشاكلة بالوحدة وَإِذا صَحَّ هَذَا الِاتِّصَال والتشابك وَهَذِه الحبال والروابط صَحَّ التَّأْثِير من الْعلوِي وَقبُول التَّأْثِير من السفلي بالمواضع الشعاعية وبالمناسبات الشكلية وَالْأَحْوَال الْخفية والجلية وَإِذا صَحَّ التَّأْثِير من الْمُؤثر وقبوله من الْقَابِل صَحَّ الِاعْتِبَار واستتب الْقيَاس وَصدق الرصد وَثَبت الإلف واستحكمت الْعَادة وانكشفت الْحُدُود وانشالت الْعِلَل وتعاضدت الشواهد وَصَارَ الصَّوَاب غامرا وَالْخَطَأ مغمورا وَالْعلم جوهرا راسخا وَالظَّن عرضا زائلا فَقيل هَل تصح الْأَحْكَام أم لَا فَقَالَ الْأَحْكَام لَا تصح بأسرها وَلَا تبطل من أَصْلهَا وَذَلِكَ سَبَب يتَبَيَّن إِذا أنعم النّظر وَبسط الإصغاء وصمد نَحْو الْفَائِدَة بِغَيْر مُتَابعَة الْهوى وايثار التعصب ثمَّ قَالَ الْأُمُور الْمَوْجُودَة على ضَرْبَيْنِ ضرب لَهُ الْوُجُود الْحق وَضرب لَهُ الْوُجُود وَلَكِن لَيْسَ الْوُجُود الْحق فَأَما الْأُمُور الْمَوْجُودَة بِالْحَقِّ فقد أَعْطَتْ الْأُخْرَى نِسْبَة من جِهَة الْوُجُود الْحق وَأما الْأُمُور الْمَوْجُودَة لَا بِالْحَقِّ فقد أَعْطَتْ الْأُخْرَى نِسْبَة من جِهَة الْوُجُود وارتجعت مِنْهَا حَقِيقِيَّة ذَلِك فَالْحكم بِالِاعْتِبَارِ الفاحص عَن هَذِه الْأَسْرَار إِن أصَاب فبسبب الْوُجُود الَّذِي هُوَ هَذَا الْعَالم السفلي من ذَلِك الْعَالم الْعلوِي وَإِن أَخطَأ فبآفات هَذَا الْعَالم السفلي من ذَلِك الْعَالم الْعلوِي والإصابة فِي هَذِه الْأُمُور السيالة المتبدلة عرض والإصابة فِي أُمُور الْفلك جَوْهَر وَقد يكون هُنَاكَ مَا هُوَ كالخطأ وَلَكِن بِالْعرضِ لَا بِالذَّاتِ كَمَا يكون هَهُنَا لَا هُوَ بِالصَّوَابِ وَالْحق لَكِن بِالْعرضِ لَا بِالذَّاتِ فَلهَذَا صَحَّ بعض الْأَحْكَام وَبَطل بَعْضهَا وَمِمَّا يكون شَاهدا لهَذَا أَن هَذَا الْعَالم السفلي مَعَ تبدله فِي كل حَالَة واستحالته فِي كل طرف ولمح متقبل لذَلِك الْعَالم الْعلوِي يَتَحَرَّك شرقا إِلَى كَمَاله وعشقا لجماله وطلبا للتشبه بِهِ وتحققا بِكُل مَا أمكن من شكله فَهُوَ بِحَق التقبل معط هَذَا الْعَالم السفلي مَا يكون بِهِ مشابها للْعَالم الْعلوِي وَبِهَذَا التقبل يقبل الْإِنْسَان النَّاقِص الْكَامِل وَيقبل الْكَامِل من الْبشر الْملك وَيقبل الْملك الْبَارِي جلّ وَعز

قَالَ آخر إِنَّمَا وَجب هَذَا التقبل والتشبه لِأَن وجود هَذَا الْعَالم وجود متهافت مُسْتَحِيل لَا صُورَة لَهُ ثَابِتَة وَلَا شكل دَائِم وَلَا هَيْئَة مَعْرُوفَة وَكَانَ من هَذَا الْوَجْه فَقِيرا إِلَى مَا يمده ويشده فَأَما مَسحه فَهُوَ مَوْجُود وثابت مُقَابل لذَلِك الْعَالم الْمَوْجُود الثَّابِت وَإِنَّمَا عرض مَا عرض لِأَن أَحدهمَا مُؤثرَة وَالْآخر قَابل فَبِحَق هَذِه الْمرتبَة مَا وجد التواصل وَقَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>