للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وخاصته فِي أهبة ذَلِك واعداد الْآلَة فَإِذا تَكَامل ذَلِك لَهُ أصحر للصَّيْد وتقلب فِي الْبَيْدَاء وصمم على مَا يلوح لَهُ وأمعن وَرَاءه وركض خَلفه جَوَاده وَنهى من مَعَه أَن يتبعهُ حَتَّى إِذا وغل فِي تِلْكَ الفجاج الخاوية والمدارج المتنائية وتباعد عَن متن الجادة ووضح المحجة صَادف أنسانا فَوقف وحاوره وفاوضه فَوَجَدَهُ حصينا محصلا يتقدفهما فَقَالَ لَهُ أفيك خير فَقَالَ نعم وَهل الْخَيْر إلافي وَعِنْدِي وَإِلَّا معي الق إِلَى مَا بدا لَك وخلني وَذَلِكَ فَقَالَ لَهُ إِن الْوَاقِف عَلَيْك المكلم لَك ملك هَذَا الإقليم فَلَا ترع وأهدأ فَقَالَ السَّعَادَة فيضتني لَك وَالْجد أطلعك على فَيَقُول لَهُ الْملك أَنِّي أُرِيد أَن أطلعك لأرب فِي نَفسِي وأبلغ بك إِن بلغت لي ذَلِك أُرِيد أَن تكون عينا لي وصاحبا لي نصُوحًا وأطوي سري عَن سلخ فُؤَادك فضلا عَن غَيره فَإِذا بلغ مِنْهُ التوثقة والتوكيد ألقِي إِلَيْهِ مَا يَأْمُرهُ بِهِ ويحثه على السَّعْي فِيهِ وأزاح علته فِي جَمِيع مَا يتَعَلَّق المُرَاد بِهِ ثمَّ ثني عنان دَابَّته إِلَى وَجه عسكره وأوليائه وَالْحق بهم فَقضى وطره ثمَّ عَاد إِلَى سَرِيره وَلَيْسَ عِنْد أحد من رهطه وبطانته وغاشيته وخاصته وعامته علم بِمَا قد أسره إِلَى ذَلِك الْإِنْسَان فَبَيْنَمَا النَّاس على مكانهم وغفلاتهم إِذْ أَصْبحُوا ذَات يَوْم فِي حَادث عَظِيم وخطب جسيم وشأن هائل فَكل يَقُول ذَلِك عِنْد ذَلِك مَا أعجب هَذَا من فعل هَذَا مَتى تهَيَّأ هَذَا هَذَا صَاحب الْبَرِيد لَيْسَ عِنْده مِنْهُ أثر هَذَا صَاحب المعونة وَهُوَ عَن الْخَبَر بمعزل وَهَذَا الْوَزير الْأَكْبَر وَهُوَ متحير وَهَذَا القَاضِي وَهُوَ متفكر وَهَذَا حَاجِبه وَهُوَ ذاهل وَكلهمْ عَن الْأَمر الَّذِي دهم غافل وَقد قضى الْملك مأربته وَأدْركَ حَاجته وَطلب بغيته ونال غَرَضه فَلذَلِك ينظر المنجم إِلَى زحل وَالْمُشْتَرِي والمريخ وَالشَّمْس وَالْقَمَر وَعُطَارِد والزهرة وَإِلَى البروج وطبائعها وَالرَّأْس والذنب وتقاطهما والهيلاج والكامداه وَإِلَى جَمِيع ماداني هَذَا وقاربه وَكَانَ لَهُ فِيهِ نتيجة وَثَمَرَة فيحسب ويمزج ويرسم فينقلب عَلَيْهِ أَشْيَاء كَثِيرَة من سَائِر الْكَوَاكِب الَّتِي لَهَا حركات بطيئة وآثار مطوية فينبعث فِيمَا أهمله وأغفله وأضرب عَنهُ لم يَتَّسِع لَهُ مَا يملك عَلَيْهِ حسه وعقله وفكره ورويته حَتَّى لَا يدْرِي من أَيْن أَتَى وَمن أَيْن دهى وَكَيف انفرج عَلَيْهِ الْأَمر وأنسد دونه الْمطلب وَفَاتَ الْمَطْلُوب وعزب عَنهُ الرَّأْي هَذَا وَلَا خطأ لَهُ فِي الْحساب وَلَا نقص فِي قصد الْحق وَهَذَا كي يلاذ بِاللَّه وَحده فِي الْأُمُور كلهَا وَيعلم أَنه مَالك الدهور ومدبر الْخَلَائق وَصَاحب الدَّوَاعِي والعلائق والقائم على كل نفس والحاضر عِنْد كل نفس وَأَنه إِذا شَاءَ نفع وَإِذا شَاءَ ضرّ وَإِذا شَاءَ عافا وَإِذا شَاءَ أسقم وَإِذا شَاءَ أغْنى وَإِذا شَاءَ أفقر وَإِذا شَاءَ أَحْيَا وَإِذا شَاءَ أمات وَأَنه كاشف الكربات مغيث ذَوي اللهفات قَاضِي الْحَاجَات مُجيب الدَّعْوَات لَيْسَ فَوق يَده يَد وَهُوَ الْأَحَد الصَّمد على الْأَبَد والسرمد وَقَالَ آخر هَذِه الْأُمُور وَإِن كَانَت منوطة بِهَذِهِ العلويات

<<  <  ج: ص:  >  >>