للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مربوطة بالفلكيات عَنْهَا تحدث وَمن جِهَتهَا تنبعث فَإِن فِي عرضهَا مَالا يسْتَحق أَن ينْسب إِلَى شَيْء مِنْهَا إِلَّا على وَجه التَّقْرِيب وَمِثَال ذَلِك ملك لَهُ سُلْطَان وَاسع ونعمة جمة فَهُوَ يفرد كل أحد بِمَا هُوَ لَائِق بِهِ وَبِمَا هُوَ ناهض فِيهِ فيولي بَيت المَال مثلا خَازِنًا أَمينا كَافِيا شهما يفرق على يَده وَيخرج على يَده ثمَّ أَن هَذَا الْملك قد يضع فِي هَذِه الخزانة شَيْئا لَا علم للخازن بِهِ وَقد يخرج مِنْهَا شَيْئا لَا يقف الخازن عَلَيْهِ وَيكون هَذَا مِنْهُ دَلِيلا على ملكه واستبداده وتصرفه وَقدرته

وَقَالَ آخر لما كَانَ صَاحب علم النُّجُوم يُرِيد أَن يقف على أَحْدَاث الزَّمَان ومستقبل الْوَقْت من خير وَشر وخصب وجدب وسعادة ونحس وَولَايَة وعزل ومقام وسفر وغم وَفَرح وفقر ويسار ومحبة وبغض وَجدّة وَعدم ووجدان وعافية وسقم وإلفة وشتات وكساد ونفاق وإصابة وإخفاق وحياة وممات وَهُوَ إِنْسَان نَاقص فِي الأَصْل لِأَن نقصانه بالطبع وكماله بِالْعرضِ وَمَعَ هَذِه الْحَال المحوطة بالنسخ الْمَعْرُوفَة بِالظَّنِّ قد بارى بارئه وَنَازع ربه وتتبع غيبه وتحلل حكمه وعارض مَالِكه فحرمه الله فَائِدَة هَذَا الْعلم وَصَرفه عَن الِانْتِفَاع بِهِ والاستثمار من شجرته وَإِضَافَة إِلَى من لَا يُحِيط بِشَيْء مِنْهُ وَلَا يخل بِشَيْء فِيهِ ونظمه فِي بَاب القسر والقهر وَجعل غَايَة سَعْيه فِيهِ الخيبة وَنِهَايَة علمه بِهِ الْحيرَة وسلط عَلَيْهِ فِي صناعته الظَّن والحدس وَالْحِيلَة والزرق وَالْكذب والختل وَلَو شِئْت لذكرت لَك من ذَلِك صَدرا وَهُوَ مثبوت فِي الْكتب ومنثور فِي الْمجَالِس ومتداول بَين النَّاس فَلذَلِك وأشباهه حط رتبته ورده على عَقِيبه ليعلم أَنه لَا يعلم إِلَّا مَا علم وَأَنه لَيْسَ لَهُ أَن يتخطى بِمَا علم على مَا جهل فَإِن الله سُبْحَانَهُ لَا شريك لَهُ فِي غيبه وَلَا وَزِير لَهُ فِي ربو بَيته وَأَنه يؤنس بِالْعلمِ ليطاع ويعبد ويوحش بِالْجَهْلِ ليفزع إِلَيْهِ ويقصد عز رَبنَا وَجل إِلَهًا وتقدس مشارا إِلَيْهِ وَتَعَالَى مُعْتَمدًا عَلَيْهِ

وَقَالَ آخر وَهُوَ الْعَرُوضِي قد يقوى هَذَا الْعلم فِي بعض الدَّهْر حَتَّى يشغف بِهِ ويدان بتعلمه بِقُوَّة سَمَاوِيَّة وشكل فلكي فيكثر الاستنباط والبحث وتشتد الْعِنَايَة والفكر فتغلب الْإِصَابَة حَتَّى يَزُول الْخَطَأ وَقد يضعف هَذَا الْعلم فِي بعض الدَّهْر فيكثر الْخَطَأ فِيهِ بشكل آخر يَقْتَضِي ذَلِك حَتَّى يسْقط النّظر فِيهِ وَيحرم الْبَحْث عَنهُ وَيكون الدّين حَاضر الطّلب وَالْحكم بِهِ وَقد يعتدل الْأَمر فِي دهر آخر حَتَّى يكون الْخَطَأ فِي قدر ذَلِك الصَّوَاب وَالصَّوَاب فِي قدر الْخَطَأ وَتَكون الدَّوَاعِي والصوارف متكافئة وَيكون الدّين لَا يحث عَلَيْهِ كل الْحَث وَلَا يحظر على طَالبه كل الْحَظْر قَالَ وَهَذَا إِذا صَحَّ تعلق الْأَمر كُله بِمَا يتَّصل بِهَذَا الْعَالم السفلي من ذَلِك الْعَالم الْعلوِي فَإِذا الصَّوَاب وَالْخَطَأ محمولان على القوى المثبتة والأنوار الشائعة والْآثَار الذائعة والعلل الْمُوجبَة والأسباب المتوافية وَقَالَ آخر وَهُوَ البوشنجاني أَيهَا الْقَوْم اختصروا الْكَلَام وقربوا الْبَقِيَّة فَإِن الإطالة مصدة عَن الْفَائِدَة مضلة للفهم والفطنة هَل تصح الْأَحْكَام فَقَالَ غُلَام زحل لَيْسَ عَن هَذَا جَوَاب

<<  <  ج: ص:  >  >>