للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِن كَانَ غلامك فقد ذهب الرَّاعِي قَالَ فَبَلغهُ بعد ذَلِك ذهَاب الْغنم وَقتل الرَّاعِي وَذكر عَن العكلي أَنه خرج فِي تِسْعَة نفر هُوَ عاشرهم ليصيبوا الطَّرِيق فَرَأى غرابا وَاقعا فَوق بانة فَقَالَ يَا قوم أَنكُمْ تصابون فِي سفركم هَذَا فازدجروا وأطيعوني وَارْجِعُوا فَأَبَوا عَلَيْهِ فَأخذ قوسه وَانْصَرف وَقتلت التِّسْعَة فَأَنْشد يَقُول:

رَأَيْت غرابا وَاقعا فَوق بانه ... ينشنش أَعلَى ريشه ويطايره

فَقلت غراب اغتراب من النَّوَى ... وبانة بَين من حبيب تجاوره

فَمَا أعيف العكلي لَا دردره ... وازجره للطير لَا عز ناصره

وَذكر عَن كثير عزة أَنه خرج يُرِيد مصر وَكَانَت بهَا عزة فَلَقِيَهُ أَعْرَابِي من نهد فَقَالَ أَيْن تُرِيدُ قَالَ أُرِيد عزة بِمصْر قَالَ مَا رَأَيْت فِي وَجهك قَالَ رَأَيْت غرابا سَاقِطا فَوق بانة ينتف ريشه فَقَالَ مَاتَت عزة فَانْتهى وَمضى فَوَافى مصر وَالنَّاس منصرفون من جنازتها فَأَنْشَأَ يَقُول:

فَأَما غراب فاغتراب وغربة ... وَبَان فَبين من حبيب تعاشره

وَذكر عَنهُ أَيْضا أَنه هوى امْرَأَة من قومه بعد عزة يُقَال لَهَا أم الْحُوَيْرِث وَكَانَت فائقة الْجمال كَثِيرَة المَال فَقَالَت لَهُ أخرج فاصب مَالا وأتزوجك فَخرج إِلَى الْيمن وَكَانَ عَلَيْهَا رجل من بني مَخْزُوم فَلَمَّا كَانَ بِبَعْض الطَّرِيق عرض لَهُ قوط والقوط الْجَمَاعَة من الظباء فَمضى ثمَّ عرض لَهُ غراب ينعب ويفحص التُّرَاب على راسه فَأتى كثير حَيا من الأزد ثمَّ من بني لَهب وهم من أزْجر الْعَرَب وَفِيهِمْ شيخ قد سقط حاجباه على عَيْنَيْهِ فَقص عَلَيْهِ مَا عرض لَهُ فَقَالَ إِن كنت صَادِقا لقد مَاتَت هَذِه الْمَرْأَة أَو تزوجت رجلا من بني كَعْب فَاغْتَمَّ كثيرا لذَلِك وَسَقَى بَطْنه فَكَانَ ذَلِك سَبَب مَوته وَقَالَ فِي ذَلِك:

تيممت لهبا أبتغى الْعلم عِنْدهم ... وَقد رد علم العائفين إِلَى لَهب

فيممت شَيخا مِنْهُم ذُو أَمَانَة ... بَصيرًا يزْجر الطير منحنى الصلب

فَقلت لَهُ مَاذَا ترى فِي سواغ ... وَصَوت غراب يفحص الأَرْض بالترب

فَقَالَ جرى الطير السنيح بَينهَا ... ونادي غراب بالفراق وبالسلب

فان لَا تكن مَاتَت فقد حَال دونهَا ... سواك حليل بَاطِن من بني كَعْب

وَقَالَ رجل من بني أَسد تزوجت ابْنة عَم لي فَخرجت أريدها فلقيني شَيْء كَالْكَلْبِ مدليا لِسَانه فِي شقّ فَقلت أخفت وَرب الْكَعْبَة فَأتيت الْقَوْم فَلم أصل إِلَيْهَا وناقرني أَهلهَا حرجت عَنْهُم فَمَكثت ثَلَاثَة أَيَّام ثمَّ بدا لي فيهم فَخرجت نحوهم فَلَقِيت كلبة تنظف أطباؤها لَبَنًا فَقلت أدْركْت وَرب الْكَعْبَة فَدخلت بأهلي وحملت مني بِغُلَام ثمَّ آخر حَتَّى ولدت أَوْلَادًا وَذكر عَن

<<  <  ج: ص:  >  >>