للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يذكرهَا ويقرؤها ويجمعها ويعتني بهَا وَلِهَذَا لَهُم المقت والذم عِنْد الامة وعَلى لِسَان كل عَالم من عُلَمَاء الاسلام وَالله تَعَالَى اشد بغضا ومقتا لَهُم جَزَاء وفَاقا الْوَجْه الرَّابِع وَالسِّتُّونَ ان افضل منَازِل الْخلق عِنْد الله منزلَة الرسَالَة والنبوة فَالله يصطفى من الْمَلَائِكَة رسلًا وَمن النَّاس وَكَيف لَا يكون افضل الْخلق عِنْد الله من جعلهم وسائط بَينه وَبَين عباده فِي تَبْلِيغ رسالاته وتعريف اسمائه وَصِفَاته وأفعاله واحكامه ومراضيه ومساخطه وثوابه وعقابه وخصهم بوحيه واختصهم بتفضيله وارتضاهم لرسالته إِلَى عباده وجعلهم ازكى الْعَالمين نفوسا واشرفهم اخلاقا واكملهم علوما واعمالا واحسنهم خلقَة واعظمهم محبَّة وقبولا فِي قُلُوب النَّاس وبرأهم من كل وصم وعيب وكل خلق دنيء وَجعل اشرف مَرَاتِب النَّاس بعدهمْ مرتبَة خلافتهم ونيابتهم فِي اممهم فانهم يخلفونهم على منهاجهم وطريقهم من نصيحتهم للْأمة وارشادهم الضال وتعليمهم الْجَاهِل ونصرهم الْمَظْلُوم واخذهم على يَد الظَّالِم وامرهم بِالْمَعْرُوفِ وَفعله ونهيهم عَن الْمُنكر وَتَركه والدعوة الى الله بالحكمة للمستجيبين وَالْمَوْعِظَة الْحَسَنَة للمعرضين الغافلين والجدال بِالَّتِي هِيَ احسن للمعاندين المعارضين فَهَذِهِ حَال اتِّبَاع الْمُرْسلين وَورثه النَّبِيين قَالَ تَعَالَى قل هَذِه سبيلي ادعو الى الله على بَصِيرَة انا وَمن اتبعني وَسَوَاء كَانَ الْمَعْنى أَنا وَمن اتبعني على بَصِيرَة وانا ادعو الى الله اَوْ الْمَعْنى ادعو الى الله على بَصِيرَة وَالْقَوْلَان متلازمان فَإِنَّهُ لَا يكون من اتِّبَاعه حَقًا إِلَّا من دَعَا الى الله على بَصِيرَة كَمَا كَانَ متبوعه يفعل فَهَؤُلَاءِ خلفاء الرُّسُل حَقًا وورثتهم دون النَّاس وهم أولو الْعلم الَّذين قَامُوا بِمَا جَاءَ بِهِ علما وَعَملا وهداية وارشادا وصبرا وجهادا وَهَؤُلَاء هم الصديقون وهم افضل اتِّبَاع الانبياء ورأسهم وإمامهم الصّديق الاكبر ابو بكر رضى الله عَنهُ قَالَ الله تَعَالَى وَمن يطع الله وَالرَّسُول فَأُولَئِك مَعَ الَّذين انْعمْ الله عَلَيْهِم من النَّبِيين وَالصديقين وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحسن اولئك رَفِيقًا ذَلِك الْفضل من الله وَكفى بِاللَّه عليما فَذكر مَرَاتِب السُّعَدَاء وَهِي اربعة وَبَدَأَ باعلاهم مرتبَة ثمَّ الَّذين يَلُونَهُمْ إِلَى آخر الْمَرَاتِب وَهَؤُلَاء الاربعة هم اهل الْجنَّة الَّذين هم اهلها جعلنَا الله مِنْهُم بمنه وَكَرمه الْوَجْه الْخَامِس وَالسِّتُّونَ ان الانسان إِنَّمَا يُمَيّز على غَيره من الْحَيَوَانَات بفضيلة الْعلم وَالْبَيَان وَإِلَّا فَغَيره من الدَّوَابّ وَالسِّبَاع أَكثر أكلا مِنْهُ واقوى بطشا وَأكْثر جماعا واولادا واطول اعمارا وَإِنَّمَا ميز على الدَّوَابّ والحيوانات بِعِلْمِهِ وَبَيَانه فَإِذا عدم الْعلم بقى مَعَه الْقدر الْمُشْتَرك بَينه وَبَين سَائِر الدَّوَابّ وَهِي الحيوانية الْمَحْضَة فَلَا يبْقى فِيهِ فضل عَلَيْهِم بل قد يبْقى شرا مِنْهُم كَمَا قَالَ تَعَالَى فِي هَذَا الصِّنْف من النَّاس إِن شَرّ الدَّوَابّ عِنْد الله الصم الْبكم الَّذين لَا يعْقلُونَ فَهَؤُلَاءِ هم الْجُهَّال وَلَو علم الله فيهم خيرا لاسمعهم أَي لَيْسَ عِنْدهم مَحل قَابل للخير وَلَو كَانَ محلهم قَابلا للخير لاسمعهم أَي

<<  <  ج: ص:  >  >>