للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لافهمهم والسمع هَهُنَا سمع فهم والا فَسمع الصَّوْت حَاصِل لَهُم وَبِه قَامَت حجَّة الله عَلَيْهِم قَالَ تَعَالَى وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِين قَالُوا سمعنَا وهم لَا يسمعُونَ وَقَالَ تَعَالَى وَمثل الَّذين كفرُوا كَمثل الَّذِي ينعق بمالا يسمع الا دُعَاء ونداء صم بكم عمى فهم لَا يعْقلُونَ وَسَوَاء كَانَ الْمَعْنى وَمثل دَاعِي الَّذين كفرُوا كَمثل الَّذِي ينعق بِمَا لَا يسمع من الدَّوَابّ إِلَّا اصواتا مُجَرّدَة اَوْ كَانَ الْمَعْنى وَمثل الَّذين كفرُوا حِين ينادون كَمثل دَوَاب الَّذِي ينعق بهَا فَلَا تسمع الا صَوت الدُّعَاء والنداء فالقولان متلازمان بل هما وَاحِد وَإِن كَانَ التَّقْدِير الثَّانِي اقْربْ إِلَى اللَّفْظ وأبلغ فِي الْمَعْنى فعلى التَّقْدِيرَيْنِ لم يحصل لَهُم من الدعْوَة إِلَّا الصَّوْت الْحَاصِل للأنعام فَهَؤُلَاءِ لم يحصل لَهُم حَقِيقَة الانسانية الَّتِي يُمَيّز بهَا صَاحبهَا عَن سَائِر الْحَيَوَان والسمع يُرَاد بِهِ ادراك الصَّوْت وَيُرَاد بِهِ فهم الْمَعْنى وَيُرَاد بِهِ الْقبُول والاجابة وَالثَّلَاثَة فِي الْقُرْآن فَمن الاول قَوْله قد سمع الله قَول الَّتِي تُجَادِلك فِي زَوجهَا وتشتكي الى الله وَالله يسمع تحاوركما إِن الله سميع بَصِير وَهَذَا اصرح مَا يكون فِي إِثْبَات صفة السّمع ذكر الْمَاضِي والمضارع وَاسم الْفَاعِل سمع وَيسمع وَهُوَ سميع وَله السّمع كَمَا قَالَت عَائِشَة رضى الله عَنْهَا الْحَمد لله الَّذِي وسع سَمعه الاصوات لقد جَاءَت المجادلة تَشْكُو إِلَى رَسُول الله وَأَنا فِي جَانب الْبَيْت وَأَنه ليخفى على بعض كَلَامهَا فَأنْزل الله قد سمع الله قَول الَّتِي تُجَادِلك فِي زَوجهَا وَالثَّانِي سمع الْفَهم كَقَوْلِه وَلَو علم الله فيهم خيرا لاسمعهم أَي لافهمهم وَلَو اسمعهم لتولوا وهم معرضون لما فِي قُلُوبهم من الْكبر والاعراض عَن قبُول الْحق ففيهم آفتان إِحْدَاهمَا انهم لَا يفهمون الْحق لجهلهم وَلَو فهموه لتولوا عَنهُ وهم معرضون عَنهُ لكبرهم وَهَذَا غَايَة النَّقْص وَالْعَيْب وَالثَّالِث سمع الْقبُول والاجابة كَقَوْلِه تَعَالَى لَو خَرجُوا فِيكُم مَا زادوكم إِلَّا خبالا وَلَا وضعُوا خلالكم يبغونكم الْفِتْنَة وَفِيكُمْ سماعون لَهُم أَي قابلون مستجيبون وَمِنْه قَوْله سماعون للكذب أَي قابلون لَهُ مستجيبون لاهله وَمِنْه قَول الْمصلى سمع الله لمن حَمده أَي اجاب الله حمد من حَمده وَدُعَاء من دَعَاهُ وَقَول النَّبِي إِذا قَالَ الامام سمع الله لمن حَمده فَقولُوا رَبنَا وَلَك الْحَمد يسمع الله لكم أَي يجيبكم وَالْمَقْصُود ان الانسان إِذا لم يكن لَهُ علم بِمَا يصلحه فِي معاشه ومعاده كَانَ الْحَيَوَان البهيم خيرا مِنْهُ لسلامته فِي الْمعَاد مِمَّا يهلكه دون الانسان الْجَاهِل الْوَجْه السَّادِس وَالسِّتُّونَ إِن الْعلم حَاكم على مَا سواهُ وَلَا يحكم عَلَيْهِ شَيْء فَكل شَيْء اخْتلف فِي وجوده وَعَدَمه وَصِحَّته وفساده ومنفعته ومضرته ورجحانه ونقصانه وكماله ونقصه ومدحه وذمه ومرتبته فِي الْخَيْر وجودته ورداءته وقربه وَبعده وإفضائه إِلَى مَطْلُوب كَذَا وَعدم إفضائه وَحُصُول الْمَقْصُود بِهِ وَعدم حُصُوله إِلَى سَائِر جِهَات المعلومات فَإِن الْعلم حَاكم على ذَلِك كُله فَإِذا حكم الْعلم انْقَطع النزاع وَوَجَب الِاتِّبَاع وَهُوَ الْحَاكِم على الممالك والسياسات والاموال

<<  <  ج: ص:  >  >>