للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جَامِعَة فِي مسئلة الْعَالم والشهيد وايهما افضل الْوَجْه السَّابِع وَالسِّتُّونَ ان النُّصُوص النَّبَوِيَّة قد تَوَاتَرَتْ بَان افضل الاعمال إِيمَان بِاللَّه فَهُوَ رَأس الامر والاعمال بعده على مراتبها ومنازلها والايمان لَهُ ركنان احدهما معرفَة مَا جَاءَ بِهِ الرَّسُول وَالْعلم بِهِ وَالثَّانِي تَصْدِيقه بالْقَوْل وَالْعَمَل والتصديق بِدُونِ الْعلم والمعرفة محَال فَإِنَّهُ فرع الْعلم بالشَّيْء الْمُصدق بِهِ فَإِذا الْعلم من الايمان بِمَنْزِلَة الرّوح من الْجَسَد ولاتقوم شَجَرَة الايمان الا على سَاق الْعلم والمعرفة فالعلم إِذا اجل المطالب واسنى الْمَوَاهِب الْوَجْه الثَّامِن وَالسِّتُّونَ ان صِفَات الْكَمَال كلهَا ترجع إِلَى الْعلم وَالْقُدْرَة والارادة والارادة فرع الْعلم فإنهاتستلزم الشُّعُور بالمراد فَهِيَ مفتقرة إِلَى الْعلم فِي ذَاتهَا وحقيقتها وَالْقُدْرَة لَا تُؤثر إِلَّا بِوَاسِطَة الارادة وَالْعلم لايفتقر فِي تعلقه بالمعلوم إِلَى وَاحِدَة مِنْهُمَا وَأما الْقُدْرَة وإلارادة فَكل مِنْهَا يفْتَقر فِي تعلقه بالمراد والمقدور إِلَى الْعلم وَذَلِكَ يدل على فضيلته وَشرف مَنْزِلَته الْوَجْه التَّاسِع وَالسِّتُّونَ ان الْعلم اعم الصِّفَات تعلقا بمتعلقه واوسعها فَإِنَّهُ يتَعَلَّق بِالْوَاجِبِ والممكن والمستحيل والجائز وَالْمَوْجُود والمعدوم فذات الرب سُبْحَانَهُ وَصِفَاته واسماؤه مَعْلُومَة لَهُ وَيعلم الْعباد من ذَلِك مَا علمهمْ الْعَلِيم الْخَبِير وَأما الْقُدْرَة والارادة فَكل مِنْهُمَا خَاص التَّعَلُّق اما الْقُدْرَة فَإِنَّمَا تتَعَلَّق بالممكن خَاصَّة لابالمستحيل وَلَا بِالْوَاجِبِ فَهِيَ اخص من الْعلم من هَذَا الْوَجْه وأعم من الارادة فَإِن الارادة لاتتعلق الا بِبَعْض الممكنات وَهُوَ مَا أُرِيد وجوده فالعلم اوسع وأعم وأشمل فِي ذَاته ومتعلقه الْوَجْه السبعون ان الله سُبْحَانَهُ اخبر عَن اهل الْعلم بِأَنَّهُ جعلهم ائمة يهْدُونَ بأَمْره وياتم بهم من بعدهمْ فَقَالَ تَعَالَى وجعلناهم ائمة يهْدُونَ بامرنا لما صَبَرُوا وَكَانُوا يآياتنا يوقنون وَقَالَ فِي مَوضِع آخر وَالَّذين يَقُولُونَ رَبنَا هَب لنا من ازواجنا وَذُرِّيَّاتنَا قُرَّة اعين واجعلنا لِلْمُتقين إِمَامًا أَي ائمة يقْتَدى بِنَا من بَعدنَا فَأخْبر سُبْحَانَهُ ان بِالصبرِ وَالْيَقِين تنَال الامامة فِي الدّين وَهِي ارْفَعْ مَرَاتِب الصديقين وَالْيَقِين هُوَ كَمَال الْعلم وغايته فبتكميل مرتبَة الْعلم تحصل إِمَامَة الدّين وَهِي ولَايَة آلتها الْعلم يخْتَص الله بهَا من يَشَاء من عباده الْوَجْه الْحَادِي وَالسَّبْعُونَ ان حَاجَة الْعباد إِلَى الْعلم ضَرُورِيَّة فَوق حَاجَة الْجِسْم إِلَى الْغذَاء لَان الْجِسْم يحْتَاج إِلَى الْغذَاء فِي الْيَوْم مرّة اَوْ مرَّتَيْنِ وحاجة الانسان إِلَى الْعلم بِعَدَد الانفاس لَان كل نفس من انفاسه فَهُوَ مُحْتَاج فِيهِ إِلَى ان يكون مصاحبا لايمان اَوْ حِكْمَة فَإِن فَارقه الايمان اَوْ حِكْمَة فِي نفس من انفاسه فقد عطب وَقرب هَلَاكه وَلَيْسَ إِلَى حُصُول ذَلِك سَبِيل إِلَّا بِالْعلمِ فالحاجة إِلَيْهِ فَوق الْحَاجة إِلَى الطَّعَام وَالشرَاب وَقد ذكر الامام احْمَد هَذَا الْمَعْنى بِعَيْنِه فَقَالَ النَّاس احوج إِلَى الْعلم مِنْهُم إِلَى الطَّعَام وَالشرَاب لَان الطَّعَام وَالشرَاب يحْتَاج إِلَيْهِ فِي الْيَوْم مرّة اَوْ مرَّتَيْنِ وَالْعلم يحْتَاج اليه كل وَقت الْوَجْه الثَّانِي وَالسَّبْعُونَ إِن صَاحب الْعلم اقل تعبا وَعَملا وَأكْثر اجرا وَاعْتبر هَذَا بِالشَّاهِدِ فَإِن الصناع والإجراء يعانون

<<  <  ج: ص:  >  >>