للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْجَهْل والا فَمَعَ الْعلم التَّام بَان هَذَا الطَّعَام مثلا مَسْمُوم من اكله قطع امعاءه فِي وَقت معِين لَا يقدم على اكله وان قدر انه قدم عَلَيْهِ لغَلَبَة جوع اَوْ استعجال وَفَاة فَهُوَ لعلمه بموافقة اكله لمقصوده الَّذِي هُوَ احب اليه من الْعَذَاب بِالْجُوعِ اَوْ بِغَيْرِهِ وَهنا اخْتلف فِي مسئلة عَظِيمَة وَهِي ان الْعلم هَل يسْتَلْزم الاهتداء وَلَا يتَخَلَّف عَنهُ الْهدى إِلَّا لعدم الْعلم اونقصه والا فَمَعَ الْمعرفَة الجازمة لَا يتَصَوَّر الضلال وانه لَا يسْتَلْزم الْهدى فقد يكون الرجل عَالما وَهُوَ ضال على عمد هَذَا مِمَّا اخْتلف فِيهِ المتكلمون وارباب السلوك وَغَيرهم فَقَالَت فرقة من عرف الْحق معرفَة لَا يشك فِيهَا اسْتَحَالَ ان لَا يَهْتَدِي وَحَيْثُ ضل فلنقصان علمه وَاحْتَجُّوا من النُّصُوص بقوله تَعَالَى لَكِن الراسخون فِي الْعلم مِنْهُم والمؤمنون يُؤمنُونَ بِمَا أنزل اليك وَمَا انْزِلْ من قبلك فَشهد تَعَالَى لكل راسخ فِي الْعلم بالايمان وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى إِنَّمَا يخْشَى الله من عباده الْعلمَاء وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى وَيرى الَّذين اوتوا الْعلم الَّذِي انْزِلْ اليك من رَبك هُوَ الْحق وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى شهد الله انه لَا إِلَه الا هُوَ وَالْمَلَائِكَة واولو الْعلم وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى افمن يعلم انما انْزِلْ اليك من رَبك الْحق كمن هُوَ اعمى قسم النَّاس قسمَيْنِ احدهما الْعلمَاء بَان مَا انْزِلْ اليه من ربه هوالحق وَالثَّانِي الْعَمى فَدلَّ على انه لَا وَاسِطَة بَينهمَا وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى فِي وصف الْكفَّار صم بكم عمي فهم لَا يعْقلُونَ وَبِقَوْلِهِ وطبع الله على قُلُوبهم فهم لَا يعلمُونَ وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى ختم الله على قُلُوبهم وعَلى سمعهم وعَلى ابصارهم غشاوة وَهَذِه مدارك الْعلم الثَّلَاث قد فَسدتْ عَلَيْهِم وَكَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى أَفَرَأَيْت من اتخذ إلهه هَوَاهُ واضله الله على علم وَختم على سَمعه وَقَلبه وَجعل على بَصَره غشاوة فَمن يهديه من بعد الله أَفلا تذكرُونَ وَقَوله واضله الله على علم قَالَ سعيد بن جُبَير على علمه تَعَالَى فِيهِ قَالَ الزّجاج أَي على مَا سبق فِي علمه تَعَالَى انه ضال قبل ان يخلقه وَختم على سَمعه أَي طبع عَلَيْهِ فَلم يسمع الْهدى وعَلى قلبه فَلم يعقل الْهدى وعَلى بَصَره غشاوة فَلَا يبصر اسباب الْهدى وَهَذَا فِي الْقُرْآن كثير مِمَّا يبين فِيهِ مُنَافَاة الضلال للْعلم وَمِنْه قَوْله تَعَالَى وَمِنْهُم من يستمع اليك حَتَّى إِذا خَرجُوا من عنْدك قَالُوا اللَّذين اوتو الْعلم مَاذَا قَالَ آنِفا اولئك الَّذين طبع الله على قُلُوبهم فَلَو كَانُوا علمُوا مَا قَالَ الرُّسُل لم يسْأَلُوا اهل الْعلم مَاذَا قَالَ وَلما كَانَ مطبوعا على قُلُوبهم وَقَالَ تَعَالَى {وَالَّذين كذبُوا بِآيَاتِنَا صم وبكم فِي الظُّلُمَات} وَقَالَ تَعَالَى قل آمنُوا بِهِ أَولا تؤمنوا أَن الَّذين اوتو الْعلم من قبله إِذا يُتْلَى عَلَيْهِم يخرون للأذقان سجدا وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبنَا ان كَانَ وعد رَبنَا لمفعولا فَهَذِهِ شَهَادَة من الله تَعَالَى لاولى الْعلم بالايمان بِهِ وبكلامه وَقَالَ تَعَالَى عَن اهل النَّار وَقَالُوا لَو كُنَّا نسْمع اونعقل مَا كُنَّا فِي اصحاب السعير فَدلَّ على ان اهل الضلال لاسمع لَهُم وَلَا عقل وَقَالَ تَعَالَى {وَتلك الْأَمْثَال نَضْرِبهَا للنَّاس وَمَا يَعْقِلهَا إِلَّا الْعَالمُونَ} اخبر تَعَالَى أَنه لَا

<<  <  ج: ص:  >  >>