للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يعقل امثاله الا الْعَالمُونَ وَالْكفَّار لَا يدْخلُونَ فِي مُسَمّى الْعَالمين فهم لَا يعقلونها وَقَالَ تَعَالَى {بل اتبع الَّذين ظلمُوا أهواءهم بِغَيْر علم فَمن يهدي من أضلّ الله} وَقَالَ تَعَالَى {وَقَالَ الَّذين لَا يعلمُونَ لَوْلَا يُكَلِّمنَا الله أَو تَأْتِينَا آيَة} وَقَالَ تَعَالَى {قل هَل يَسْتَوِي الَّذين يعلمُونَ وَالَّذين لَا يعلمُونَ} وَلَو كَانَ الضلال بِجَامِع الْعلم لَكَانَ الَّذين لَا يعلمُونَ احسن حَالا من الَّذين يعلمُونَ وَالنَّص بِخِلَافِهِ وَالْقُرْآن مَمْلُوء بسلب الْعلم والمعرفة عَن الْكفَّار فَتَارَة يصفهم بانهم لايعلمون وَتارَة بِأَنَّهُم لَا يعْقلُونَ وَتارَة بانهم لَا يَشْعُرُونَ وَتارَة بانهم لَا يفقهُونَ وَتارَة بِأَنَّهُم لَا يسمعُونَ وَالْمرَاد بِالسَّمْعِ الْمَنْفِيّ سمع الْفَهم وَهُوَ سمع الْقلب لَا إِدْرَاك الصَّوْت وَتارَة بِأَنَّهُم لَا يبصرون فَدلَّ ذَلِك كُله على ان الْكفْر مُسْتَلْزم للْجَهْل منَاف للْعلم لَا يجامعه وَلِهَذَا يصف سحبانه الْكفَّار بانهم جاهلون كَقَوْلِه تَعَالَى وَعباد الرَّحْمَن الَّذين يَمْشُونَ على الارض هونا وَإِذا خاطبهم الجاهلون قَالُوا سَلاما وَقَوله تَعَالَى وَإِذا سمعُوا اللَّغْو اعرضوا عَنهُ وَقَالُوا لنا اعمالنا وَلكم اعمالكم سَلام عَلَيْكُم لانبتغي الْجَاهِلين وَقَوله تَعَالَى خُذ الْعَفو وامر بِالْعرْفِ واعرض عَن الْجَاهِلين وَقَالَ النَّبِي لما بلغ قومه من اذاه ذَلِك الْمبلغ اللَّهُمَّ اغْفِر لقومي فانهم لَا يعلمُونَ وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنهُ من يرد الله بِهِ خيرا يفقهه فِي الدّين فَدلَّ على ان الْفِقْه مُسْتَلْزم لارادة الله الْخَيْر فِي العَبْد وَلَا يُقَال الحَدِيث دلّ على ان من اراد الله بِهِ خيرا فقهه فِي الدّين وَلَا يدل على ان كل من فقهه فِي الدّين فقد اراد بِهِ خيرا وَبَينهمَا فرق ودليلكم انما يتم بالتقدير الثَّانِي والْحَدِيث لَا يَقْتَضِيهِ لانا نقُول النَّبِي جعل الْفِقْه فِي الدّين دَلِيلا وعلامة على ارادة الله بِصَاحِبِهِ خيرا وَالدَّلِيل يسْتَلْزم الْمَدْلُول وَلَا يتَخَلَّف عَنهُ فَإِن الْمَدْلُول لَازمه وَوُجُود الْمَلْزُوم بِدُونِ لَازمه محَال وَفِي التِّرْمِذِيّ وَغَيره عَنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

خصلتان لَا يَجْتَمِعَانِ فِي مُنَافِق حسن سمت وَفقه فِي الدّين فَجعل الْفِقْه فِي الدّين منافيا للنفاق بل لم يكن السّلف يطلقون اسْم الْفِقْه الاعلى الْعلم الَّذِي يَصْحَبهُ الْعَمَل كَمَا سُئِلَ سعد بن إِبْرَاهِيم عَن افقه اهل الْمَدِينَة قَالَ اتقاهم وسال فرقد السنجي الْحسن الْبَصْرِيّ عَن شَيْء فاجابه فَقَالَ إِن الْفُقَهَاء يخالفونك فَقَالَ الْحسن ثكلتك امك فريقد وَهل رَأَيْت بِعَيْنَيْك فَقِيها إِنَّمَا الْفَقِيه الزَّاهِد فِي الدُّنْيَا الرَّاغِب فِي الاخرة البصيربدينه المداوم على عبَادَة ربه الَّذِي لَا يهمز من فَوْقه وَلَا يسخر بِمن دونه وَلَا يبتغى على علم علمه الله تَعَالَى اجرا وَقَالَ بعض السّلف ان الْفَقِيه من لم يقنط النَّاس من رَحْمَة الله وَلم يؤمنهم مكر الله وَلم يدع الْقُرْآن رَغْبَة عَنهُ إِلَى ماسواه وَقَالَ ابْن مَسْعُود رضى الله عَنهُ كفى بخشية الله علما وبالاغترار بِاللَّه جهلا قَالُوا فَهَذَا الْقُرْآن وَالسّنة واطلاق السّلف من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ يدل على ان الْعلم والمعرفة مُسْتَلْزم للهداية وان عدم الْهِدَايَة دَلِيل على الْجَهْل وَعدم الْعلم قَالُوا وَيدل عَلَيْهِ ان الانسان مَا دَامَ عقله مَعَه لَا يُؤثر هَلَاك

<<  <  ج: ص:  >  >>