للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَهَا قَوْله تَعَالَى إِخْبَارًا عَنهُ وَعَن قومه فَلَمَّا جَاءَتْهُم آيَاتنَا مبصرة قَالُوا هَذَا سحر مُبين وجحدوا بهَا واستيقنتها انفسهم ظلما وعلوا فَانْظُر كَيفَ كَانَ عقابة المفسدين فاخبر سُبْحَانَهُ ان تكذيبهم وكفرهم كَانَ عَن يَقِين وَهُوَ اقوى الْعلم ظلما مِنْهُم وعلوا لَا جهلا وَقَالَ تَعَالَى لرَسُوله {قد نعلم إِنَّه ليحزنك الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُم لَا يكذبُونَك وَلَكِن الظَّالِمين بآيَات الله يجحدون} يَعْنِي انهم قد عرفُوا صدقك وانك غير كَاذِب فِيمَا تَقول وَلَكِن عاندوا وجحدوا بالمعرفة قَالَه ابْن عَبَّاس رضى الله عَنْهُمَا والمفسرون قَالَ قَتَادَة يعلمُونَ انك رَسُول وَلَكِن يجحدون قَالَ تَعَالَى وجحدوا بهَا واستقينتها انفسهم ظلماوعلوا وَقَالَ تَعَالَى {يَا أهل الْكتاب لم تكفرون بآيَات الله وَأَنْتُم تَشْهَدُون يَا أهل الْكتاب لم تلبسُونَ الْحق بِالْبَاطِلِ وتكتمون الْحق وَأَنْتُم تعلمُونَ} يَعْنِي تكفرون بِالْقُرْآنِ وبمن جَاءَ بِهِ وانتم تَشْهَدُون بِصِحَّتِهِ وبانه الْحق فكفركم كفر عناد وجحود عَن علم وشهود لَاعن جهل وخفاء وَقَالَ تَعَالَى عَن السَّحَرَة من الْيَهُود وَلَقَد علمُوا لمن اشْتَرَاهُ مَاله فِي الاخرة من خلاق أَي علمُوا من اخذ السحر وَقَبله لَا نصيب لَهُ فِي الاخرة وَمَعَ هَذَا الْعلم والمعرفة فهم يشترونه ويقبلونه ويتلعمونه وَقَالَ تَعَالَى الَّذين آتياناهم الْكتاب يعرفونه كَمَا يعْرفُونَ ابناءهم ذكر هَذِه الْمعرفَة عَن اهل الْكتاب فِي الْقبْلَة كَمَا فِي سُورَة الْبَقَرَة وَفِي التَّوْحِيد كَقَوْلِه فِي الانعام ائنكم لتشهدون انالله آلِهَة اخرى قل لَا اشْهَدْ قل إِنَّمَا هُوَ إِلَه وَاحِد وانني بَرِيء مِمَّا تشركون الَّذين آتَيْنَاهُم الْكتاب يعرفونه كَمَا يعْرفُونَ أبنائهم وَفِي الْكتاب انه منزل من عِنْد الله لقَوْله تَعَالَى {وَالَّذين آتَيْنَاهُم الْكتاب يعلمُونَ أَنه منزل من رَبك بِالْحَقِّ} وَقَالَ تَعَالَى {كَيفَ يهدي الله قوما كفرُوا بعد إِيمَانهم وشهدوا أَن الرَّسُول حق وجاءهم الْبَينَات وَالله لَا يهدي الْقَوْم الظَّالِمين} قَالَ ابْن عَبَّاس رضى الله عَنْهُمَا هم قُرَيْظَة وَالنضير وَمن دَان بدينهم كفرُوا بِالنَّبِيِّ بعد ان كَانُوا قبل مبعثه مُؤمنين بِهِ وشهدوا لَهُ بِالنُّبُوَّةِ وَإِنَّمَا كفرُوا بغيا وحسدا قَالَ الزّجاج اعْلَم الله عز وَجل انه لاجهة لهدايتهم لانهم قد استحقوا ان يضلوا بكفرهم لانهم كفرُوا بعد الْبَينَات وَمعنى كَيفَ يهْدِيهم أَي انه لَا يهْدِيهم لَان الْقَوْم عرفُوا الْحق وشهدوا بِهِ وتيقنوه وَكَفرُوا عمدا فَمن ايْنَ تأتيهم الْهِدَايَة فَإِن الَّذِي ترتجى هدايته من كَانَ ضَالًّا وَلَا يدرى انه ضال بل يظنّ انه على هدى فَإِذا عرف الْهدى اهْتَدَى وَأما من عرف الْحق وتيقنه وَشهد بِهِ قلبه ثمَّ اخْتَار الْكفْر والضلال عَلَيْهِ فَكيف يهدي الله مثل هَذَا وَقَالَ تَعَالَى عَن الْيَهُود {فَلَمَّا جَاءَهُم مَا عرفُوا كفرُوا بِهِ فلعنة الله على الْكَافرين} ثمَّ قَالَ {بئْسَمَا اشْتَروا بِهِ أنفسهم أَن يكفروا بِمَا أنزل الله بغيا أَن ينزل الله من فَضله على من يَشَاء من عباده} قَالَ ابْن عَبَّاس رضى الله عَنْهُمَا لم يكن كفرهم شكا وَلَا اشتباها وَلَكِن بغيا مِنْهُم حَيْثُ صَارَت النُّبُوَّة فِي ولد اسماعيل ثمَّ قَالَ بعد ذَلِك {وَلما جَاءَهُم رَسُول}

<<  <  ج: ص:  >  >>