للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وتقواها} فَهَذَا قدره وقضاؤه ثمَّ قَالَ {قد أَفْلح من زكاها وَقد خَابَ من دساها} فَهَذَا امْرَهْ وَدينه وَثَمُود هدَاهُم فاستحبوا الْعَمى على الْهدى فَذكر قصتهم ليبين سوء عَاقِبَة منمن آثر الْفُجُور على التَّقْوَى والتدسية على التَّزْكِيَة وَالله اعْلَم بِمَا أَرَادَ قَالُوا ويكفى فِي هَذَا اخباره تَعَالَى عَن الْكفَّار انهم يَقُولُونَ بعد مَا عاينوا الْعَذَاب ووردوا الْقِيَامَة وراوا مَا اخبرت بِهِ الرُّسُل يَا ليتنا نرد وَلَا نكذب بآيَات رَبنَا ونكون من الْمُؤمنِينَ بل بدا لَهُم مَا كَانُوا يخفون من قبل وَلَو ردوا لعادوا لمانهوا عَنهُ وَإِنَّهُم لَكَاذِبُونَ فأبي علم ابين من علم من ورد الْقِيَامَة وَرَأى مَا فِيهَا وذاق عَذَاب الاخرة ثمَّ ورد إِلَى الدُّنْيَا لاختار الضلال على الْهدى وَلم يَنْفَعهُ مَا قد عاينه وَرَآهُ وَقَالَ تَعَالَى وَلَو اننا نزلنَا اليهم الْمَلَائِكَة وكلمهم الْمَوْتَى وحشرنا عَلَيْهِم كل شَيْء قبلا ماكانوا ليؤمنوا الا ان يَشَاء الله وَلَكِن اكثرهم يجهلون فَهَل بعد نزُول الْمَلَائِكَة عيَانًا وتكليم الْمَوْتَى لَهُم وشهادتهم للرسول بِالصّدقِ وَحشر كل شَيْء فِي الدُّنْيَا عَلَيْهِم من بَيَان وإيضاح للحق وَهدى وَمَعَ هَذَا فَلَا يُؤمنُونَ وَلَا ينقادون للحق وَلَا يصدقون الرَّسُول وَمن نظر فِي سيرة رَسُول الله مَعَ قومه وَمَعَ الْيَهُود علم انهم كَانُوا جازمين بصدقه لَا يَشكونَ انه صَادِق فِي قَوْله انه رَسُول الله وَلَكِن اخْتَارُوا الضلال وَالْكفْر على الايمان قَالَ الْمسور بن مخرمَة رضى الله عَنهُ لابي جهل وَكَانَ خَاله أَي خَال هَل كُنْتُم تتهمون مُحَمَّدًا بِالْكَذِبِ قبل ان يَقُول مقَالَته الَّتِي قَالَهَا قَالَ ابو جهل لَعنه الله تَعَالَى يَا ابْن اخي وَالله لقد كَانَ مُحَمَّد فِينَا وَهُوَ شَاب يدعى الامين مَا جربنَا عَلَيْهِ كذبا قطّ فَلَمَّا وخطه الشيب لم يكن ليكذب على الله قَالَ يَا خَال فَلم لَا تتبعونه قَالَ يَا ابْن اخي تنازعنا نَحن بَنو هَاشم الشّرف فاطعموا وأطعمنا وَسقوا وسقينا وأجاروا وأجرنا فَلم تجاثينا على الركب وَكُنَّا كفرسي رهان قَالُوا منا نَبِي فَمَتَى ندرك هَذِه وَهَذَا امية بن ابي الصَّلْت كَانَ ينتظره يَوْمًا بِيَوْم وَعلمه عِنْده قبل مبعثه وقصته مَعَ ابي سُفْيَان لما سافرا مَعًا مَعْرُوفَة واخباره برَسُول الله ثمَّ لما تيقنه وَعرف صدقه قَالَ لَا اومن بِنَبِي من غير ثَقِيف ابدا وَهَذَا هِرقل تَيَقّن انه رَسُول الله وَلم يشك فِيهِ وآثر الضلال وَالْكفْر اسْتِبْقَاء لملكه وَلما سَأَلَهُ الْيَهُود عَن التسع آيَات البيانات فاخبرهم بهَا قبلوا يَده وَقَالُوا نشْهد انك نَبِي قَالَ فَمَا يمنعكم ان تتبعوني قَالُوا إِن دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام دَعَا ان لَا يزَال فِي ذُريَّته نَبِي وَإِنَّا نخشى أَن اتَّبَعْنَاك ان تَقْتُلنَا يهود فَهَؤُلَاءِ قد تحققوا نبوته وشهدوا لَهُ بهَا وَمَعَ هَذَا فآثروا الْكفْر والضلال وَلم يصيروا مُسلمين بِهَذِهِ الشَّهَادَة فَقيل لَا يصير الْكَافِر مُسلما بِمُجَرَّد شَهَادَة ان مُحَمَّدًا رَسُول الله حَتَّى يشْهد لله بالوحدانية وَقيل يصير بذلك مُسلما وَقيل إِن كَانَ كفره بتكذيب الرَّسُول كاليهود صَار مُسلما بذلك وَإِن كَانَ كفره بالشرك مَعَ ذَلِك لم يصر مُسلما إِلَّا بِالشَّهَادَةِ بِالتَّوْحِيدِ

<<  <  ج: ص:  >  >>