مُقْتَض لَا يتَخَلَّف عَنهُ مُوجبه وَمُقْتَضَاهُ لقصوره فِي نَفسه بل يستلزمه استلزام الْعلَّة التَّامَّة لمعلولها ومقتض غير تَامّ يتَخَلَّف عَنهُ مُقْتَضَاهُ لقصوره فِي نَفسه عَن التَّمام اَوْ لفَوَات شَرط اقتضائه اَوْ قيام مَانع منع تَأْثِيره فان اريد بِكَوْن الْعلم مقتضيا للاهتداء والاقتضاء التَّام الَّذِي لَا يتَخَلَّف عَنهُ اثره بل يلْزمه الاهتداء بِالْفِعْلِ فَالصَّوَاب قَول الطَّائِفَة الثَّانِيَة وَإنَّهُ لَا يلْزم من الْعلم حُصُول الاهتداء الْمَطْلُوب وَإِن اريد بِكَوْنِهِ مُوجبا انه صَالح للاهتداء مُقْتَض لَهُ وَقد يتَخَلَّف عَنهُ مُقْتَضَاهُ لقصوره اَوْ فَوَات شَرط اَوْ قيام مَانع فَالصَّوَاب قَول الطَّائِفَة الاولى وتفصيل هَذِه الْجُمْلَة ان الْعلم بِكَوْن الشَّيْء سَببا لمصْلحَة العَبْد ولذاته وسروره قد يتَخَلَّف عَنهُ عمله بِمُقْتَضَاهُ لاسباب عديدة السَّبَب الاول ضعف مَعْرفَته بذلك السَّبَب الثَّانِي عدم الاهلية وَقد تكون مَعْرفَته بِهِ تَامَّة لَكِن يكون مَشْرُوطًا بِزَكَاة الْمحل وقبوله للتزكية فَإِذا كَانَ الْمحل غير زكي وَلَا قَابل للتزكية كَانَ كالأرض الصلدة الَّتِي لَا تخالطها المَاء فَإِنَّهُ يمْتَنع النَّبَات مِنْهَا لعدم اهليتها وقبولها فَإِذا كَانَ الْقلب قاسيا حجريا لَا يقبل تَزْكِيَة وَلَا تُؤثر فِيهِ النصائح لم ينْتَفع بِكُل علم يُعلمهُ كَمَا لَا تنْبت الارض الصلبة وَلَو اصابها كل مطر وبذر فِيهَا كل بذر كَمَا قَالَ تَعَالَى فِي هَذَا الصِّنْف من النَّاس {إِن الَّذين حقت عَلَيْهِم كلمة رَبك لَا يُؤمنُونَ وَلَو جَاءَتْهُم كل آيَة حَتَّى يرَوا الْعَذَاب الْأَلِيم} وَقَالَ تَعَالَى وَلَو اننا نزلنَا اليهم الْمَلَائِكَة وكلمهم الْمَوْتَى وحشرنا عَلَيْهِم كل شَيْء قبلا ماكانوا ليؤمنوا إِلَّا ان يَشَاء الله وَقَالَ تَعَالَى قل انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَوَات والارض وَمَا تغنى الايات وَالنّذر عَن قوم لَا يُؤمنُونَ وَهَذَا فِي الْقُرْآن كثير فَإِذا كَانَ الْقلب قاسيا غليظا جَافيا لَا يعْمل فِيهِ الْعلم شيئاوكذلك إِذا كَانَ مَرِيضا مهينا مائيا لَا صلابة فِيهِ وَلَا قُوَّة وَلَا عَزِيمَة لم يُؤثر فِيهِ الْعلم السَّبَب الثَّالِث قيام مَانع وَهُوَ إِمَّا حسد أَو كبر وَذَلِكَ مَانع إِبْلِيس من الانقياد لِلْأَمْرِ وَهُوَ دَاء الاولين والاخرين الا من عصم الله وَبِه تخلف الايمان عَن الْيَهُود الَّذين شاهدوا رَسُول الله وَعرفُوا صِحَة نبوته وَمن جرى مجراهم وَهُوَ الذيمنع عبد الله بن ابي من الايمان وَبِه تخلف الايمان عَن ابي جهل وَسَائِر الْمُشْركين فانهم لم يَكُونُوا يرتابون فِي صدقه وان الْحق مَعَه لَكِن حملهمْ الْكبر والحسد على الْكفْر وَبِه تخلف الايمان عَن امية واضرابه مِمَّن كَانَ عِنْده علم بنبوة مُحَمَّد السَّبَب الرَّابِع مَانع الرياسة وَالْملك وان لم يقم بِصَاحِبِهِ حسد وَلَا تكبر عَن الانقياد للحق لَكِن لَا يُمكنهُ ان يجْتَمع لَهُ الانقياد وَملكه ورياسته فيضن بِملكه ورياسته كَحال هِرقل واضرابه من مُلُوك الْكفَّار الَّذين علمُوا نبوته وَصدقه واقروا بهَا بَاطِنا واحبوا الدُّخُول فِي دينه لَكِن خَافُوا على ملكهم وَهَذَا دَاء ارباب الْملك وَالْولَايَة والرياسة وَقل من نجا مِنْهُ الا من عصم الله وَهُوَ دَاء فِرْعَوْن وَقَومه وَلِهَذَا قَالُوا {أنؤمن لبشرين مثلنَا وقومهما لنا عَابِدُونَ} انفوا ان يُؤمنُوا ويتبعوا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute