للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُوسَى وهرون وينقادوا لَهما وَبَنُو إِسْرَائِيل عبيد لَهُم وَلِهَذَا قيل ان فِرْعَوْن لما اراد مُتَابعَة مُوسَى وتصديقه شاور هامان وزيره فَقَالَ بَينا انت اله تعبد تصير عبدا تعبد غَيْرك فَأبى الْعُبُودِيَّة وَاخْتَارَ الرياسة والالهية الْمحَال السَّبَب الْخَامِس مَانع الشَّهْوَة وَالْمَال وَهُوَ الَّذِي منع كثيرا من اهل الْكتاب من الايمان خوفًا من بطلَان مَأْكَلهمْ وَأَمْوَالهمْ الَّتِي تصير اليهم من قَومهمْ وَقد كَانَت كفار قُرَيْش يصدون الرجل عَن الايمان بِحَسب شَهْوَته فَيدْخلُونَ عَلَيْهِ مِنْهَا فَكَانُوا يَقُولُونَ لمن يحب الزِّنَا ان مُحَمَّدًا يحرم الزِّنَا وَيحرم الْخمر وَبِه صدوا الاعشى الشَّاعِر عَن الاسلام وَقد فاوضت غير وَاحِد من اهل الْكتاب فِي الاسلام وَصِحَّته فَكَانَ آخر مَا كلمني بِهِ احدهم انا لَا أترك الْخمر واشربها امنا فَإِذا اسلمت حلتم بيني وَبَينهَا وجلدتموني على شربهَا وَقَالَ آخر مِنْهُم بعد ان عرف مَا قلت لَهُ لي اقارب ارباب اموال وَإِنِّي ان اسلمت لم يصل الي مِنْهَا شَيْء وانا اؤمل ان ارثهم اَوْ كَمَا قَالَ وَلَا ريب ان هَذَا الْقدر فِي نفوس خلق كثير من الْكفَّار فتتفق قُوَّة دَاعِي الشَّهْوَة وَالْمَال وَضعف دَاعِي الايمان فيجيب دَاعِي الشَّهْوَة وَالْمَال وَيَقُول لَا أَرغب بنفسي عَن آبَائِي وسلفي السَّبَب السَّادِس محبَّة الاهل والاقارب وَالْعشيرَة يرى انه اذا اتبع الْحق وَخَالفهُم ابعدوه وطردوه عَنْهُم واخرجوه من بَين اظهرهم وَهَذَا سَبَب بَقَاء خلف كثير على الْكفْر بَين قَومهمْ واهاليهم وعشائرهم السَّبَب السَّابِع محبَّة الدَّار والوطن وان لم يكن لَهُ بهَا عشيرة وَلَا اقارب لَكِن يرى ان فِي مُتَابعَة الرَّسُول خُرُوجه عَن دَاره ووطنه الى دَار الغربة والنوى فيضن بوطنه السَّبَب الثَّامِن تخيل ان فِي الاسلام ومتابعة الرَّسُول إزراء وطعنا مِنْهُ على آبَائِهِ وأجداده وذما لَهُم وَهَذَا هُوَ الَّذِي منع ابا طَالب وامثاله عَن الاسلام استعظموا آبَاءَهُم واجدادهم ان يشْهدُوا عَلَيْهِم بالْكفْر والضلال وان يختاروا خلاف مَا اخْتَار اولئك لانفسهم وَرَأَوا انهم ان اسلموا سفهوا احلام اولئك وضللوا عُقُولهمْ ورموهم باقبح القبائح وَهُوَ الْكفْر والشرك وَلِهَذَا قَالَ اعداء الله لابي طَالب عِنْد الْمَوْت ترغب عَن مِلَّة عبد الْمطلب فَكَانَ آخر مَا كَلمهمْ بِهِ هُوَ على مِلَّة عبد الْمطلب فَلم يَدعه اعداء الله الا من هَذَا الْبَاب لعلمهم بتعظيمه اباه عبد الْمطلب وانه انما حَاز الْفَخر والشرف بِهِ فَكيف يَأْتِي امرا يلْزم مِنْهُ غَايَة تنقيصه وذمه وَلِهَذَا قَالَ لَوْلَا ان تكون مسَبَّة على بني عبد الْمطلب لَا قررت بهَا عَيْنك اَوْ كَمَا قَالَ وَهَذَا شعره يُصَرح فِيهِ بِأَنَّهُ قد علم وَتحقّق نبوة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَصدقه كَقَوْلِه:

وَلَقَد علمت بَان دين مُحَمَّد ... من خير اديان الْبَريَّة دينا لَوْلَا الْمَلَامَة اَوْ حذار مسَبَّة ... لَوَجَدْتنِي سَمحا بِذَاكَ مُبينًا

<<  <  ج: ص:  >  >>