فو الله لَوْلَا ان تكون مسَبَّة ... تجر على اشياخنا فِي المحافل لَكنا اتبعناه على كل حَاله ... من الدَّهْر جدا غير قَول التهازل لقد علمُوا ان ابتنالا مكذب ... لدينا ولايعني بقول إِلَّا بَاطِل ...
والمسبة الَّتِي زعم انها تجر على اشياخه شَهَادَته عَلَيْهِم بالْكفْر والضلال وتسفيه الاحلام وتضليل الْعُقُول فَهَذَا هُوَ الَّذِي مَنعه من الاسلام بعدتيقنه السَّبَب التَّاسِع مُتَابعَة من يعاديه من النَّاس للرسول وَسَبقه الى الدُّخُول فِي دينه وتخصصه وقربه مِنْهُ وَهَذَا الْقدر منع كثيرا من اتِّبَاع الْهدى يكون للرجل عَدو وَيبغض مَكَانَهُ وَلَا يحب ارضا يمشي عَلَيْهَا ويقصد مُخَالفَته ومناقضته فيراه قد اتبع الْحق فيحمله قصد مناقضته ومعاداته على معاداة الْحق واهله وان كَانَ لَا عَدَاوَة بَينه وَبينهمْ وَهَذَا كَمَا جرى للْيَهُود مَعَ الانصار فانهم كَانُوا اعدائهم وَكَانُوا يتواعدونهم بِخُرُوج النَّبِي وانهم يتبعونه ويقاتلونهم مَعَه فَلَمَّا بدرهم اليه الانصار واسلموا حملهمْ معاداتهم على الْبَقَاء على كفرهم ويهوديتهم السَّبَب الْعَاشِر مَانع الالف وَالْعَادَة والمنشأ فَإِن الْعَادة قد تقوى حَتَّى تغلب حكم الطبيعة وَلِهَذَا قيل هِيَ طبيعة ثَانِيَة فيربى الرجل على الْمقَالة وينشأ عَلَيْهَا صَغِيرا فيتربى قلبه وَنَفسه عَلَيْهَا كَمَا يتربى لَحْمه وعظمه على الْغذَاء الْمُعْتَاد وَلَا يعقل نَفسه الا عَلَيْهَا ثمَّ يَأْتِيهِ الْعلم وهلة وَاحِدَة يُرِيد إِزَالَتهَا وإخراجها من قلبه وان يسكن موضعهَا فيعسر عَلَيْهِ الِانْتِقَال ويصعب عَلَيْهِ الزَّوَال وَهَذَا السَّبَب وَإِن كَانَ اضعف الاسباب معنى فَهُوَ اغلبها على الامم وأرباب المقالات والنحل لَيْسَ مَعَ اكثرهم بل جَمِيعهم إِلَّا مَا عَسى ان يشذ الاعادة ومربي تربى عَلَيْهِ طفْلا لَا يعرف غَيرهَا وَلَا يحسن بِهِ فدين العوايد هُوَ الْغَالِب على أَكثر النَّاس فالانتقال عَنهُ كالانتقال عَن الطبيعة الى طبيعة ثَانِيَة فصلوات الله وَسَلَامه على انبيائه وَرُسُله خُصُوصا على خاتمهم وافضلهم مُحَمَّد كَيفَ غيروا عوائد الامم الْبَاطِلَة ونقلوهم الى الايمان حَتَّى استحدثوا بِهِ طبيعة ثَانِيَة خَرجُوا بهَا عَن عَادَتهم وطبيعتهم الْفَاسِدَة وَلَا يعلم مشقة هَذَا على النُّفُوس الا من زاول نقل رجل وَاحِد عَن دينه ومقالته الى الْحق فجزى الله الْمُرْسلين افضل مَا جزى بِهِ احدا من الْعَالمين إِذا عرف ان الْمُقْتَضى نَوْعَانِ فالهدى الْمُقْتَضى وَحده لَا يُوجب الاهتداء وَالْهدى التَّام يُوجب الإهتداء فالاول هدى الْبَيَان الدّلَالَة والتعليم وَلِهَذَا يُقَال هدى فَمَا اهْتَدَى وَالثَّانِي هدى الْبَيَان وَالدّلَالَة مَعَ إِعْطَاء التَّوْفِيق وَخلق الارادة فَهَذَا الْهدى الَّذِي يسلتزم الاهتداء وَلَا يتَخَلَّف عَنهُ مُوجبه فَمَتَى وجد السَّبَب وانتفت الْمَوَانِع لزم وجود حكمه وَهَهُنَا دقيقة بهَا ينْفَصل النزاع وَهِي انه هَل يَنْعَطِف من قيام الْمَانِع وَعدم الشَّرْط