للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الله فليطعه، وَمن نذر أَن يَعْصِي الله فَلَا يَعْصِهِ " رَوَاهُ البُخَارِيّ.

قَالَ فِي فتح الْمجِيد، نقلا عَن شيخ الْإِسْلَام ابْن تَيْمِية فِيمَن نذر للقبور أَو نَحْوهَا: وَهَذَا النّذر مَعْصِيّة بِاتِّفَاق الْمُسلمين لَا يجوز الْوَفَاء بِهِ، وَكَذَا إِذا نذر مَالا للسدنة أَو المجاورين العاكفين بِتِلْكَ الْبقْعَة، فَإِن فيهم شبها من السَّدَنَة الَّتِي كَانَت عِنْد اللات والعزى وَمَنَاة، يَأْكُلُون أَمْوَال النَّاس بِالْبَاطِلِ، ويصدون عَن سَبِيل الله، والمجاورون هُنَاكَ فيهم شبه من الَّذين قَالَ فيهم الْخَلِيل عَلَيْهِ السَّلَام: {مَا هَذِه التماثيل الَّتِي أَنْتُم لَهَا عاكفون} وَالَّذين اجتاز بهم مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام وَقَومه. قَالَ تَعَالَى: {وجاوزنا ببني إِسْرَائِيل الْبَحْر فَأتوا على قوم يعكفون على أصنام لَهُم} فالنذر لهَؤُلَاء السَّدَنَة والمجاورين فِي هَذِه الْبِقَاع نذر مَعْصِيّة.

وَقَالَ عَنهُ: وَأما مَا نذر لغير الله، كالنذر للأصنام، وَالشَّمْس، وَالْقَمَر والقبور، وَنَحْو ذَلِك، فَهُوَ بِمَنْزِلَة أَن يحلف بِغَيْر الله من الْمَخْلُوقَات، والحالف بالمخلوقات لَا وَفَاء عَلَيْهِ وَلَا كَفَّارَة، وَكَذَلِكَ النَّاذِر للمخلوقات، فَإِن كِلَاهُمَا شرك؛ والشرك لَيْسَ لَهُ حُرْمَة، بل عَلَيْهِ أَن يسْتَغْفر الله من هَذَا، وَيَقُول مَا قَالَ النَّبِي [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] : " من حلف بِاللات والعزى، فَلْيقل: لَا إِلَه إِلَّا الله " أه.

وَقَالَ أَيْضا: قَالَ الشَّيْخ قَاسم الْحَنَفِيّ فِي شرح دُرَر الْبحار: النّذر الَّذِي ينذره أَكثر الْعَوام على مَا هُوَ مشَاهد، كَأَن يكون للْإنْسَان غَائِب أَو مَرِيض أَو لَهُ حَاجَة، فَيَأْتِي إِلَى بعض الصلحاء - يَعْنِي من الْأَمْوَات - وَيَقُول: يَا سَيِّدي فلَان، إِن رد الله غائبي؛ أَو عوفي مريضي، أَو قضيت حَاجَتي، فلك من الذَّهَب كَذَا، أَو من الْفضة كَذَا، أَو من الطَّعَام كَذَا؛ أَو من الشمع كَذَا، فَهَذَا النّذر بَاطِل بِالْإِجْمَاع لوجوه، مِنْهَا: أَنه نذر لمخلوق، وَالنّذر للمخلوق لَا يجوز لِأَنَّهُ عبَادَة، وَالْعِبَادَة لَا تكون لمخلوق، وَمِنْهَا أَن الْمَنْذُور لَهُ ميت، وَالْمَيِّت

<<  <   >  >>