للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] قَالَ: " مَرَرْت لَيْلَة أسرِي بِي على قوم تقْرض شفاههم بمقاريض من نَار: قَالَ: قلت، من هَؤُلَاءِ؟ قَالُوا خطباء أمتك من أهل الدُّنْيَا مِمَّن كَانُوا يأمرون النَّاس بِالْبرِّ وينسون أنفسهم وهم يَتلون الْكتاب أَفلا يعْقلُونَ " وذكرهما الْبَغَوِيّ وَابْن كثير فِي تفسيريهما. وَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاء رَضِي الله عَنهُ: لَا يفقه الرجل كل الْفِقْه حَتَّى يمقت النَّاس فِي ذَات الله ثمَّ يرجع إِلَى نَفسه فَيكون لَهَا أَشد مقتا. فَالْوَاجِب عَلَيْكُم أَيهَا الْعلمَاء أَن تقتدوا بِنَبِي الله شُعَيْب إِذْ كَانَ يَقُول لِقَوْمِهِ: {وَمَا أُرِيد أَن أخالفكم إِلَى مَا أنهاكم عَنهُ إِن أُرِيد إِلَّا الْإِصْلَاح مَا اسْتَطَعْت} .

وَأَن لَا تنسوا نِدَاء الله سُبْحَانَهُ وخطابه لكم بقوله: {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لم تَقولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ كبر مقتا عِنْد الله أَن تَقولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ} ، وَأَيْضًا آيَة {أتأمرون النَّاس بِالْبرِّ وتنسون أَنفسكُم} . وَحَدِيث: " مثل الْعَالم الَّذِي يعلم النَّاس الْخَيْر وَلَا يعْمل بِهِ كَمثل السراج يضيء للنَّاس وَيحرق نَفسه "، ذكره ابْن كثير: وَقَالَ، هَذَا حَدِيث غَرِيب من هَذَا الْوَجْه.

[فصل]

قَالَ تَعَالَى: {إِن الَّذين يكتمون مَا أنزلنَا من الْبَينَات وَالْهدى من بعد مَا بَيناهُ للنَّاس فِي الْكتاب أُولَئِكَ يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون} ، قَالَ إِمَام الْمُفَسّرين الطَّبَرِيّ فِي تَفْسِيره: وَهَذِه الْآيَة وَإِن كَانَت نزلت فِي خَاص من النَّاس فَإِنَّهَا معني بهَا كل كاتم علما فرض الله تَعَالَى بَيَانه للنَّاس. وَذَلِكَ نَظِير الْخَبَر الَّذِي رُوِيَ عَن رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] أَنه قَالَ: " من سُئِلَ عَن علم فكتمه، ألْجم يَوْم الْقِيَامَة بلجام من نَار " ثمَّ ذكر بالسند إِلَى ابْن شهَاب أَنه قَالَ: " قَالَ ابْن الْمسيب: قَالَ أَبُو هُرَيْرَة: لَوْلَا آيَتَيْنِ أنزلهما الله فِي كِتَابه مَا حدثت شَيْئا {إِن الَّذين يكتمون} الْآيَة، الْآيَة الْأُخْرَى (وَإِذ أَخذ الله

<<  <   >  >>