أَمر جهادهم، وصبرهم على مَا يلاقون فِي سَبِيل ذَلِك من الْأَذَى والمشاق والتعب والعناء إِلَى الله تَعَالَى، فيجازيهم على مَا صَنَعُوا {فَلَا تعلم نفس مَا أُخْفِي لَهُم من قُرَّة أعين جَزَاء بِمَا كَانُوا يعْملُونَ} فَقَوله تَعَالَى: {وَللَّه عَاقِبَة الْأُمُور} كَقَوْلِه: {وَالْعَاقبَة لِلْمُتقين} وَقد قَالَ تَعَالَى: {إِن لِلْمُتقين مفازا حدائق وأعنابا وكواعب أَتْرَابًا وكأسا دهاقا لَا يسمعُونَ فِيهَا لَغوا وَلَا كذابا جَزَاء من رَبك عَطاء حسابا} .
[فصل]
وَقَالَ تَعَالَى: {وَمن جَاهد فَإِنَّمَا يُجَاهد لنَفسِهِ إِن الله لَغَنِيّ عَن الْعَالمين وَالَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات لنفكرن عَنْهُم سيئاتهم ولنجزينهم أحسن الَّذِي كَانُوا يعْملُونَ} أَيهَا الْعلمَاء إِن جاهدتم الكفريات والأضاليل الفاشية بَين سَائِر الْأمة، والكبائر الَّتِي ترونها ترتكب لَيْلًا وَنَهَارًا، وسراً وجهراً، والبدع والخرافات الَّتِي فَشَتْ فمسخت الشَّرَائِع، وطمست الْحَقَائِق، وَأَطْفَأت الْأَنْوَار وأظلمت الْقُلُوب وأطغت النُّفُوس، وصيرت الْأمة فِي جَهَالَة وضلالة وعماية بعد الرقي الهائل، والعلوم والمعارف وَالْهِدَايَة، فَإِن جاهدتم هَذَا كُله يَا عُلَمَاء الْمُسلمين فَإِنَّمَا تجاهدون لأنفسكم ولراحتكم ومسرتكم عِنْد مليككم، فَإِنَّهُ تَعَالَى قَالَ: {من عمل صَالحا فلنفسه} أَي فَإِنَّمَا يعود نفع عمله على نَفسه، فَإِن الله تَعَالَى غَنِي عَن أَفعَال الْعباد، وَلَو كَانُوا كلهم على أتقى قلب رجل مِنْهُم مَا زَاد ذَلِك فِي ملكه شَيْئا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute