قَالَ الْحسن الْبَصْرِيّ: إِن الرجل ليجاهد وَمَا ضرب يَوْمًا من الدَّهْر بِسيف، ثمَّ أخبر تَعَالَى أَنه مَعَ غناهُ عَن الْخَلَائق جَمِيعهم، وَمَعَ بره وإحسانه بهم، يجازى الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات أحسن الْجَزَاء، وَهُوَ أَن يكفر عَنْهُم أَسْوَأ الَّذِي عمِلُوا، ويجزيهم أجرهم بِأَحْسَن الَّذِي كَانُوا يعْملُونَ، فَيقبل الْقَلِيل من الْحَسَنَات، ويثيب عَلَيْهَا الْوَاحِدَة بِعشر أَمْثَالهَا إِلَى سَبْعمِائة ضعف، ويجزى على السَّيئَة بِمِثْلِهَا أَو يعْفُو ويصفح، كَمَا قَالَ تَعَالَى {إِن الله لَا يظلم مِثْقَال ذرة وَإِن تَكُ حَسَنَة يُضَاعِفهَا وَيُؤْت من لَدنه أجرا عَظِيما} وَقَالَ هَهُنَا: {وَالَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات لنكفرن عَنْهُم سيئاتهم ولنجزينهم أحسن الَّذِي كَانُوا يعْملُونَ} أهـ من ابْن كثير.
[فصل]
وَالله يَا عُلَمَاء لَسْتُم على شَيْء حَتَّى تُقِيمُوا الْكتاب وَالسّنة، ولستم ناجين من عَذَاب الله ولعنته حَتَّى تبينوا طَرِيق الْهِدَايَة وَطَرِيق الغواية، وَطَرِيق النَّار وَطَرِيق الْجنَّة، لَا ملْجأ لكم وَلَا منجا حَتَّى تقتفوا آثَار نَبِيكُم وإخوانه من الْأَنْبِيَاء وَحَتَّى تهانوا كإهانتهم، وتسبوا كَمَا سبوا، وتضربوا كَمَا ضربوا وتقتلوا كَمَا قتلوا، وتنشروا بالمناشير كَمَا نشرُوا، وَحَتَّى يكون ذَلِك حلوا عنْدكُمْ لَا مرا، إِنَّكُم لَا تَكُونُونَ من الآمرين بِالْمَعْرُوفِ الناهين عَن الْمُنكر حَتَّى يتبرم النَّاس مِنْكُم، قُولُوا لَهُم كَقَوْل نوح عَلَيْهِ السَّلَام (لَا تعبدوا إِلَّا الله إِنِّي أَخَاف عَلَيْكُم عَذَاب يَوْم أَلِيم، فَقَالَ الْمَلأ الَّذين كفرُوا من قومه مَا نرَاك إِلَّا بشرا مثلنَا وَمَا نرَاك اتبعك إِلَّا الَّذين هم أراذلنا بَادِي الرَّأْي وَمَا نرى لكم علينا من فضل بل نظنكم كاذبين، قَالَ: يَا قوم أَرَأَيْتُم إِن كنت على بَيِّنَة من رَبِّي وآتاني رَحْمَة من عِنْده فعميت عَلَيْكُم أنلزمكموها وَأَنْتُم لَهَا كَارِهُون، وَيَا قوم لَا أَسأَلكُم عَلَيْهِ مَالا إِن أجري إِلَّا على الله وَمَا أَنا بطارد الَّذين آمنُوا إِنَّهُم ملاقوا رَبهم وَلَكِنِّي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute