للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَقَالَ تَعَالَى: {إِن الَّذين آمنُوا وَالَّذين هَاجرُوا وَجَاهدُوا فِي سَبِيل الله أُولَئِكَ يرجون رَحْمَة الله وَالله غَفُور رَحِيم} أَقُول: المُهَاجر من هجر مَا نهى الله وَرَسُوله عَنهُ، والمجاهد الَّذِي يُجَاهد الْعَدو، ويجاهد الشَّيْطَان، ويجاهد النَّفس على مَا يصلحها وَيصْلح شَأْن الْمُسلمين، وَذَلِكَ بِالْعَمَلِ والدعوة إِلَى الْكتاب الْمُبين وَالسّنة الغراء وَإِظْهَار شَعَائِر الدّين وشرائعه، ففاعل ذَلِك يَرْجُو رَحْمَة الله إِذْ قد أحسن عمله فِي رِضَاهُ، وَهُوَ سُبْحَانَهُ أخبر فِي كِتَابه بذلك فَقَالَ: {إِن رَحْمَة الله قريب من الْمُحْسِنِينَ} وفاعل ذَلِك هُوَ الْمُؤمن المعتصم بِهِ الَّذِي سيدخله الله فِي رَحمته وفضله، وسيهديه ربه صراطاً مُسْتَقِيمًا، كَمَا قَالَ: {فَأَما الَّذين آمنُوا بِاللَّه واعتصموا بِهِ فسيدخلهم فِي رَحْمَة مِنْهُ وَفضل ويهديهم إِلَيْهِ صراطا مُسْتَقِيمًا} فليعمل على ذَلِك الْعلمَاء.

[فصل]

وَقَالَ تَعَالَى: {وَالَّذين جاهدوا فِينَا لنهدينهم سبلنا وَإِن الله لمع الْمُحْسِنِينَ}

أَقُول: هَذَا ترغيب جليل من الله جلّ شَأْنه لِعِبَادِهِ الْمُؤمنِينَ فِي الْجِهَاد فِي سَبيله وتنفيذ أوامره ونواهيه، وَاتِّبَاع طَرِيق رَسُوله الْأَعْظَم [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] ، وإخبار مِنْهُ سُبْحَانَهُ بمنح الْمُجَاهدين الآمرين بِالْمَعْرُوفِ الناهين عَن الْمُنكر، بالهداية إِلَى سبل السَّلَام، وَإِلَى رضوانه الْأَكْبَر، وَهَذَا كَقَوْلِه تَعَالَى: {وَيزِيد الله الَّذين اهتدوا هدى} وَقَوله: {وَمن يُؤمن بِاللَّه يهد قلبه وَالله بِكُل شَيْء عليم} وَقَوله {وَالَّذين اهتدوا زادهم هدى وآتاهم تقواهم} فهنيئاً لَهُم {لَهُم الْبُشْرَى فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَة} وَقَول الله سُبْحَانَهُ: (وَإِن الله لمع الْمُحْسِنِينَ ترغيب ثَان للمجاهدين أكده وَأقسم فِيهِ بِأَنَّهُ سُبْحَانَهُ مَعَ هَؤُلَاءِ الَّذين لَيْسَ أحد فِي الْأمة أحسن مِنْهُم عملا (وَمن أحسن قولا مِمَّن دَعَا إِلَى الله وَعمل صَالحا وَقَالَ إِنَّنِي من

<<  <   >  >>