وجعلهم الْمُصحف حِجَابا يعلقونه على أنفسهم، وعَلى مَوَاشِيهمْ جهل شنيع وبدعة، وَحمل النِّسَاء لَهُ أَيَّام حيضهن، ونفاسهن، وَوقت جنابتهن، ضلال كَبِير، وامتهان لكتاب الله الْقَدِير، وَخبر نزُول دم عُثْمَان عِنْد قَتله على كتاب الله على لفظ {فَسَيَكْفِيكَهُم الله وَهُوَ السَّمِيع الْعَلِيم} بَاطِل لَا أصل لَهُ، كَمَا فِي أَسْنَى المطالب، وَحَدِيث شمهورش قَاضِي الْجِنّ الَّذِي فِيهِ حَدثنِي سيد الْمُرْسلين مُحَمَّد [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] قَالَ: " حَدثنِي جِبْرِيل قَالَ: حَدثنِي إسْرَافيل عَن رب الْعِزَّة أَن من قَرَأَ سُورَة الْفَاتِحَة فِي نفس وَاحِد لقَضَاء حَاجَة قضيت " هَذَا بَاطِل معَارض بِمَا عرف من أَنه [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] كَانَ إِذا قَرَأَ يقف على رُؤُوس الْآي ويمدها، ثمَّ لماذا وَمَا فَائِدَة قرَاءَتهَا فِي نفس وَاحِد؟ إِن هَذَا لمن أفرى الفرى على الله وَرَسُوله وَلَو كَانَ صَحِيحا لثبت فِي الصِّحَاح وَالسّنَن؟ واشتهر على أَلْسِنَة الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ، وَلم تقتصر رِوَايَته على شمهورش الجني.
وإنني لأعجب كَيفَ يروج هَذَا على عقول الْعلمَاء وَكَيف يقبلونه؟ وَكَيف يَحْفَظُونَهُ ويقرءونه على النَّاس، وَفِي مصنفاتهم يكتبونه، وَقد سَمِعت هَذَا الحَدِيث من شيخ أزهري يُقَال لَهُ: عَالم، وقرأته على ظهر كتاب لشيخ من الْمُتَأَخِّرين، فيا للأسف على فَسَاد عقول رُؤَسَاء الدّين، ورواج الأباطيل والأضاليل والترهات على من اشتهروا بَين النَّاس بِأَنَّهُم كبار الْمُسلمين، وعَلى عدم معرفتهم بَين الصَّحِيح والمكذوب على الرَّسُول الْأمين، [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] .