للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَكَذَلِكَ حرضت جدتكم الخنساء الفضلى أبناءها الْأَرْبَعَة يَوْم حَرْب الْقَادِسِيَّة فَقَالَت:

يَا بني: تعلمُونَ مَا أعد الله للْمُسلمين من الثَّوَاب الجزيل فِي حَرْب الْكَافرين وَأَن الدَّار الْبَاقِيَة خير من الدَّار الفانية، وَقد قَالَ تَعَالَى: {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابطُوا وَاتَّقوا الله لَعَلَّكُمْ تفلحون} فَإِذا أَصْبَحْتُم فاغدوا إِلَى قتال عَدوكُمْ، فَإِذا رَأَيْتُمْ الْحَرْب قد شمرت عَن سَاقهَا واضطرمت لظى على سعيرها فَتَيَمَّمُوا وطيسها وجالدوا رئيسها. تظفروا بالغنم والكرامة فِي دَار الْخلد والمقامة فَلَمَّا أَصْبحُوا باشروا الْقِتَال. وَقبل استشهادهم قَامَ أحدهم فَقَالَ:

(يَا إخوتي إِن الْعَجُوز الناصحة ... قد نصحتنا إِذْ دعتنا البارحة)

(مقَالَة ذَا بَيَان وَاضِحَة ... فباكروا الْحَرْب الضروس الكالحة)

(وَإِنَّمَا تلقونَ عِنْد الصائحة ... من آل ساسان الْكلاب النابحة)

(قد أيقنوا مِنْكُم يُوقع الْجَائِحَة ... وَأَنْتُم بَين حَيَاة صَالِحَة)

(أَو ميتَة تورث غنما رابحة ... )

وَأنْشد الثَّانِي:

(إِن الْعَجُوز ذَات حزم وَجلد ... ولنظر الأوفق والرأي السدد)

(قد أمرتنا بالسداد والرشد ... نصيحة مِنْهَا وَبرا بِالْوَلَدِ)

(فباكروا الْحَرْب حماة فِي الْعدَد ... أما لفوز بَارِد على الكبد)

(أَو ميتَة تورثكم عزا فِي الْأَبَد ... فِي جنَّة الفردوس والعيش الرغد)

وَأنْشد الثَّالِث:

(وإله لَا نعصى الْعَجُوز حرفا ... قد أمرتنا حَربًا وعطفاً)

(نضحاً وَبرا صَادِقا ولطفاً ... فبادروا الْحَرْب الضروس زحفاً)

<<  <   >  >>