السَّيئَة بِالسَّيِّئَةِ، وَلَكِن يعْفُو ويصفح، وَمَا قَبضته حَتَّى أَقمت بِهِ الْملَّة العوجاء ففتحت بِهِ أعيناً عميا، وآذاناً صمًّا، وَقُلُوبًا غلفًا، بِأبي هُوَ وَأمي [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] ، جَاهد فِي الله حق الْجِهَاد حَتَّى خرج يَوْمًا إِلَى الْبَطْحَاء فَصَعدَ الْجَبَل فَنَادَى " يَا صَبَاحَاه " فاجتمعت إِلَيْهِ قُرَيْش فَقَالَ: " أَرَأَيْتُم إِن حدثتكم أَن الْعَدو مصبحكم أَو ممسيكم أَكُنْتُم تصدقوني؟ قَالُوا: نعم. قَالَ: فَإِنِّي نَذِير لكم بَين يَدي عَذَاب شَدِيد " فَقَالَ أَبُو لَهب: أَلِهَذَا جمعتنَا؟ تَبًّا لَك فَأنْزل الله {تبت يدا أبي لَهب وَتب} الخ رَوَاهُ البُخَارِيّ:
بِأبي هُوَ وَأمي [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] ، لقد كَانَ يطوف بالقبائل لتبليغ أَمر ربه فيقف على كل قَبيلَة قَائِلا: " يَا بني فلَان إِنِّي رَسُول الله إِلَيْكُم آمركُم أَن تعبدوا الله لَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئا وَأَن تصدقوني وَلَا تَمْنَعُونِي حَتَّى أنفذ عَن الله مَا بَعَثَنِي بِهِ " فَيَقُول عَدو الله عَمه أَبُو لَهب: يَا بني فلَان هَذَا يُرِيد مِنْكُم أَن تسلخوا اللات والعزى إِلَى مَا جَاءَ بِهِ من الْبِدْعَة فَلَا تسمعوا لَهُ وَلَا تَتبعُوهُ وَلَقَد قَالَ لِعَمِّهِ أبي طَالب لما أَرَادَ تثبيط همته: " وَالله يَا عَم لَو وضعُوا الشَّمْس فِي يَمِيني وَالْقَمَر فِي يساري على أَن أترك هَذَا الْأَمر مَا فعلت حَتَّى يظهره الله أَو أهلك دونه " ثمَّ بَكَى وَولى [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] وَلَقَد سخر وَضحك مِنْهُ الْمُشْركُونَ وآذوه حَتَّى ألقوا على ظَهره وَهُوَ ساجد سلا الْجَزُور وَلَقَد خنق فِي سَبِيل الدعْوَة إِلَى الله خنقاً شَدِيدا، وَأطْعم الشَّاة المسمومة ووطئ ظَهره وأدمى وَجهه وَكسرت رباعيته وَمَعَ هَذَا قَالَ: " اللَّهُمَّ اغْفِر لقومي فَإِنَّهُم لَا يعلمُونَ ".
بِأبي وَأمي [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] ، فَلَقَد كَانَ أَكثر النَّاس اهتماماً واجتهاداً فِي تَبْلِيغ مَا أَمر
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute