شَيخنَا ابْن تَيْمِية: وَهَذَا بَاطِل، مَا كَانَت أم الْمُؤمنِينَ لتخالف رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] وَجَمِيع أَصْحَابه فَتُصَلِّي خلاف صلَاتهم، وَكَذَا حَدِيث " كَانَ [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] يقصر فِي السّفر وَيتم، وَيفْطر ويصوم، وَقد كذبه شيخ الْإِسْلَام ابْن تَيْمِية، كَمَا فِي شرح الْمُنْتَقى وسبل السَّلَام نقلا عَن الْهدى، وَكَذَا حَدِيث " لَا تقصرُوا الصَّلَاة فِي أقل من أَرْبَعَة برد من مَكَّة إِلَى عسفان " رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ بِإِسْنَاد ضَعِيف من رِوَايَة عبد الْوَهَّاب بن مُجَاهِد وَهُوَ مَتْرُوك نسبه الثَّوْريّ إِلَى الْكَذِب، وَقَالَ الْأَزْدِيّ: لَا تحل الرِّوَايَة عَنهُ وَهُوَ مُنْقَطع أَيْضا؛ لِأَنَّهُ لم يسمع من أَبِيه. قَالَ فِي نيل الأوطار وَقد لَاحَ من مَجْمُوع مَا ذكرنَا رُجْحَان الْقبُول بِالْوُجُوب، وَأما دَعْوَى أَن التَّمام أفضل فمدفوعة بملازمته [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] للقصر فِي جَمِيع أَسْفَاره وَعدم صُدُور التَّمام عَنهُ كَمَا تقدم. وَيبعد أَن يلازم [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] طول عمره على الْمَفْضُول ويدع الْأَفْضَل أه.
وَأما مَسَافَة الْقصر فَأحْسن مَا اطْمَأَن إِلَيْهِ قلبِي هُوَ مَا ذكر الإِمَام ابْن حزم فِي كِتَابه الْمحلى، قَالَ رَحمَه الله بَعْدَمَا ذكر أقوالا كَثِيرَة جدا عَن الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وَالْأَئِمَّة وَالْفُقَهَاء، قَالَ الله عز وَجل. {وَإِذا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْض فَلَيْسَ عَلَيْكُم جنَاح أَن تقصرُوا من الصَّلَاة إِن خِفْتُمْ أَن يَفْتِنكُم الَّذين كفرُوا} وَقَالَ عمر وَعَائِشَة وَابْن عَبَّاس. " إِن الله فرض الصَّلَاة على لِسَان نبيه [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] فِي السّفر رَكْعَتَيْنِ، وَلم يخص الله تَعَالَى وَلَا رَسُوله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] وَلَا الْمُسلمُونَ بأجمعهم سفرا من سفر، فَلَيْسَ لأحد أَن يَخُصُّهُ إِلَّا بِنَصّ أَو إِجْمَاع مُتَيَقن، فَإِن قيل. بل لَا يقصر وَلَا يفْطر إِلَّا فِي سفر أجمع الْمُسلمُونَ على الْقصر فِيهِ وَالْفطر. قُلْنَا لَهُم، فَلَا تقصرُوا وَلَا تفطروا إِلَّا فِي حج أَو عمْرَة أَو جِهَاد، وَلَيْسَ هَذَا قَوْلكُم، وَلَو قلتموه لكنتم قد خصصتم الْقُرْآن وَالسّنة بِلَا برهَان؛ وللزمكم فِي سَائِر الشَّرَائِع كلهَا أَن لَا تَأْخُذُوا فِي شَيْء مِنْهَا لَا بقرآن وَلَا بِسنة،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute