الْحَرَمِ, ثُمَّ نَسَخَ ذَلِكَ مِنْ قِبَلِ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَمَّنَ الْمُسْلِمِينَ حَيْثُ كَانُوا بِالْإِسْلَامِ. وَأَمَّا الْمُشْرِكُونَ فَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ بِقَتْلِهِمْ حَتَّى يُسْلِمُوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} [التوبة: ٥] , فَصَارَ حَظْرُ قَتْلِ الْمُشْرِكِ الَّذِي تَقَلَّدَ بِلِحَاءِ شَجَرِ الْحَرَمِ مَنْسُوخًا, وَالْمُسْلِمُونَ قَدْ اسْتَغْنُوا عَنْ ذَلِكَ, فَلَمْ يَبْقَ لَهُ حُكْمٌ, وَبَقِيَ حُكْمُ قَلَائِدِ الْهَدْيِ ثَابِتًا.
وَقَدْ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ قَالَ: حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ أَبِي الرَّبِيعِ الْجُرْجَانِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيُّ عَنْ بَيَانٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ قَالَ: لَمْ تُنْسَخْ مِنْ سُورَةِ الْمَائِدَةِ إلَّا هَذِهِ الْآيَةُ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ} . وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ أَبِي الرَّبِيعِ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْله تَعَالَى: {لا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلا الشَّهْرَ الْحَرَامَ} الْآيَةُ, قَالَ: مَنْسُوخٌ; كَانَ الرَّجُلُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ إذَا خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ يُرِيدُ الْحَجَّ تَقَلَّدَ مِنْ السَّمُرِ فَلَمْ يُعْرِضْ لَهُ أَحَدٌ, وَإِذَا رَجَعَ تَقَلَّدَ قِلَادَةَ شَعْرٍ فَلَمْ يُعْرِضْ لَهُ أَحَدٌ, وَكَانَ الْمُشْرِكُ يَوْمَئِذٍ لَا يُصَدُّ عَنْ الْبَيْتِ, فَأُمِرُوا أَنْ لَا يُقَاتَلُوا فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ وَلَا عِنْدَ الْبَيْتِ, فَنَسَخَهَا قَوْله تَعَالَى: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} [التوبة: ٥] . وَرَوَى يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْله تَعَالَى: {جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَاماً لِلنَّاسِ وَالشَّهْرَ الْحَرَامَ وَالْهَدْيَ وَالْقَلائِدَ} [المائدة: ٩٧] : حَوَاجِزُ جَعَلَهَا اللَّهُ بَيْنَ النَّاسِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ, وَكَانَ الرَّجُلُ إذَا لَقِيَ قَاتِلَ أَبِيهِ فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ لَمْ يَعْرِضْ لَهُ وَلَمْ يَقْرَبْهُ, وَكَانَ الرَّجُلُ لَوْ جَرَّ كُلَّ جَرِيرَةٍ ثُمَّ لَجَأَ إلَى الْحَرَمِ لَمْ يَتَنَاوَلْهُ وَلَمْ يَقْرَبْهُ, وَكَانَ الرَّجُلُ إذَا لَقِيَ الْهَدْيَ مُقَلَّدًا وَهُوَ يَأْكُلُ الْعَصَبَ مِنْ الْجُوعِ لَمْ يَعْرِضْ لَهُ وَلَمْ يَقْرَبْهُ, وَكَانَ الرَّجُلُ إذَا أَرَادَ الْبَيْتَ تَقَلَّدَ قِلَادَةً مِنْ شَعْرٍ تَمْنَعُهُ مِنْ النَّاسِ, وَكَانَ إذَا نَفَرَ تَقَلَّدَ قِلَادَةً مِنْ الْإِذْخِرِ أَوْ مِنْ لِحَاءِ شَجَرِ الْحَرَمِ فَمُنِعَتْ النَّاسُ عَنْهُ. وَحَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْوَاسِطِيُّ قَالَ: حدثنا جعفر بن محمد بن اليمان قال: حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بن صالح عن معاوية بن صالح عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْله تَعَالَى: {جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَاماً لِلنَّاسِ وَالشَّهْرَ الْحَرَامَ وَالْهَدْيَ وَالْقَلائِدَ} [المائدة: ٩٧] قَالَ: كَانَ الْمُسْلِمُونَ وَالْمُشْرِكُونَ يَحُجُّونَ الْبَيْتَ جَمِيعًا, فَنَهَى اللَّهُ تَعَالَى الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَمْنَعُوا أَحَدًا أَنْ يَحُجَّ الْبَيْتَ أَوْ يَعْرِضُوا لَهُ مِنْ مُؤْمِنٍ أَوْ كَافِرٍ, ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ بَعْدَ هَذَا: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا} [التوبة: ٢٨] , وَقَالَ تَعَالَى: {مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ} [التوبة: ١٧] . وَقَدْ رَوَى إِسْحَاقُ بْنُ يُوسُفَ عَنْ ابْنِ عَوْنٍ قَالَ: سَأَلْت الْحَسَنَ هَلْ نُسِخَ مِنْ" الْمَائِدَةِ شيء؟ فقال:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute