للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْهَيْثَمُ بْنُ خَارِجَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَيَّاشٍ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ قَدَرَ عَلَى سَعَةٍ فَلَمْ يُضَحِّ فَلَا يَقْرَبَنَّ مُصَلَّانَا". وَرَوَاهُ يَحْيَى بْنُ يَعْلَى أَيْضًا مَرْفُوعًا، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْبَاقِي قَالَ: حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ النُّعْمَانِ الْفَرَّاءُ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَعْلَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَيَّاشٍ أَوْ عَبَّاسٍ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ وَجَدَ سَعَةً فَلَمْ يُضَحِّ فَلَا يَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنَا". وَرَوَاهُ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: "مَنْ وَجَدَ سَعَةً فَلَمْ يُضَحِّ فَلَا يَقْرَبَنَّ مُصَلَّانَا". وَيُقَالُ إنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي جَعْفَرٍ فَوْقَ ابْنِ عَيَّاشٍ فِي الضَّبْطِ وَالْجَلَالَةِ، فَوَقَفَهُ عَلَى أَبِي هُرَيْرَةَ وَلَمْ يَرْفَعْهُ، وَيُقَالُ إنَّ الصَّحِيحَ أَنَّهُ مَوْقُوفٌ عَلَيْهِ غَيْرُ مَرْفُوعٍ.

وَيُحْتَجُّ لِإِيجَابِهَا أَيْضًا بِحَدِيثِ أَبِي رَمْلَةَ الْحَنَفِيِّ عَنْ مِخْنَفِ بْنِ سُلَيْمٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: "عَلَى كُلِّ أَهْلِ بَيْتٍ فِي عَامٍ أُضْحِيَّةٌ وَعَتِيرَةٌ". قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَالْعَتِيرَةُ مَنْسُوخَةٌ بِالِاتِّفَاقِ، وَهِيَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَصُومُونَ رَجَبَ ثُمَّ يَعْتَرُونَ، وَهِيَ الرَّجَبِيَّةُ، وَقَدْ كَانَ ابْنُ سِيرِينَ وَابْنُ عَوْنٍ يَفْعَلَانِهِ، وَلَمْ تَقُمْ الدَّلَالَةُ عَلَى نَسْخِ الْأُضْحِيَّةِ فَهِيَ وَاجِبَةٌ بِمُقْتَضَى الْخَبَرِ، إلَّا أَنَّهُ ذُكِرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ: "عَلَى كُلِّ أَهْلِ بَيْتٍ أُضْحِيَّةٌ" وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْوَاجِبَ مِنْ الْأُضْحِيَّةِ لَا يُجْزِئُ عَنْ أَهْلِ الْبَيْتِ وَإِنَّمَا يُجْزِئُ عَنْ وَاحِدٍ، فَيَدُلُّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ الْإِيجَابَ.

وَمِمَّا يُحْتَجُّ لِمُوجِبِهَا مَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْبَاقِي قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي عَوْنٍ الْبَزْوَرِيِّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ إسْمَاعِيلُ بْنُ إبْرَاهِيمَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو إسْمَاعِيلَ الْمُؤَدِّبُ عَنْ مُجَالِدٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ جَابِرٍ وَالْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَا: قَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مِنْبَرِهِ يَوْمَ الْأَضْحَى فَقَالَ: "مَنْ صَلَّى مَعَنَا هَذِهِ الصَّلَاةَ فَلْيَذْبَحْ بَعْدَ الصَّلَاةِ" فَقَامَ أَبُو بُرْدَةَ بْنُ نِيَارٍ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي ذَبَحْت لِيَأْكُلَ مَعَنَا أَصْحَابُنَا إذَا رَجَعْنَا، قَالَ: لَيْسَ بِنُسُكٍ قَالَ: عِنْدِي جَذَعَةٌ مِنْ الْمَعْزِ، قَالَ: "تُجْزِي عَنْك وَلَا تُجْزِي عَنْ غَيْرِك"، فَيُسْتَدَلُّ مِنْ هَذَا الْخَبَرِ بِوُجُوهٍ عَلَى الْوُجُوبِ، أَحَدُهَا: قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ صَلَّى مَعَنَا هَذِهِ الصَّلَاةَ وَشَهِدَ مَعَنَا فَلْيَذْبَحْ بَعْدَ الصَّلَاةِ" وَهُوَ أَمْرٌ بِالذَّبْحِ يَقْتَضِي ظَاهِرُهُ الْوُجُوبَ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "تُجْزِي عَنْك وَلَا تُجْزِي عَنْ غَيْرِك". وَمَعْنَاهُ: تَقْضِي عَنْك; لِأَنَّهُ يُقَالُ جَزَى عَنِّي كَذَا بِمَعْنَى قَضَى عَنِّي، وَالْقَضَاءُ لَا يَكُونُ إلَّا عَنْ وَاجِبٍ فَقَدْ اقْتَضَى ذَلِكَ الْوُجُوبَ. وَمِنْ جِهَةٍ أُخْرَى أَنَّ فِي بَعْضِ أَلْفَاظِ هَذَا الْحَدِيثِ: "فَمَنْ ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلَاةِ فَلْيُعِدْ أُضْحِيَّتَهُ" وَفِي بَعْضِهَا أَنَّهُ قَالَ لِأَبِي بُرْدَةَ: "أَعِدْ أُضْحِيَّتَك"، وَمَنْ يَأْبَى ذَلِكَ يَقُولُ: إنَّ قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ صَلَّى مَعَنَا هَذِهِ الصَّلَاةَ وَشَهِدَ مَعَنَا فَلْيَذْبَحْ" يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ الْإِيجَابَ; لِأَنَّ وُجُوبَهَا لَا يَتَعَلَّقُ بِشُهُودِ الصَّلَاةِ عِنْدَ الْجَمِيعِ، وَلَمَّا عَمَّ الْجَمِيعَ وَلَمْ يُخَصِّصْ بِهِ الْأَغْنِيَاءَ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ الندب،

<<  <  ج: ص:  >  >>