بِحَالٍ; لِأَنَّ اللِّعَانَ لَيْسَ بِصَرِيحٍ وَلَا كِنَايَةٍ عَنْ الْفُرْقَةِ، وَلَوْ تَلَاعَنَا فِي بَيْتِهِمَا لَمْ يُوجِبْ فُرْقَةً، فَكَذَلِكَ عِنْدَ الْحَاكِمِ; وَلِأَنَّ اللِّعَانَ فِي الْأَزْوَاجِ قَائِمٌ مَقَامَ الْحَدِّ عَلَى قَاذِفِ الْأَجْنَبِيَّاتِ، وَلَوْ حُدَّ الزَّوْجُ فِي قَذْفِهِ إيَّاهَا بِأَنْ أَكْذَبَ نَفْسَهُ أَوْ كَانَ عَبْدًا لَمْ يُوجِبْ ذَلِكَ فُرْقَةً، وَكَذَلِكَ إذَا لَاعَنَ. وَذَهَبَ فِي تَفْرِيقِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ الْمُتَلَاعِنَيْنِ أَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا كَانَ فِي قِصَّةِ الْعَجْلَانِيِّ وَكَانَ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا بَعْدَ اللِّعَانِ، فَلِذَلِكَ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا. وَرَوَى ابْنُ شِهَابٍ أَنَّ سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ قَالَ: "فَطَلَّقَهَا الْعَجْلَانِيِّ ثَلَاثَ تَطْلِيقَاتٍ بَعْدَ فَرَاغِهِمَا مِنْ اللِّعَانِ فَأَنْفَذَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ"، وَحَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ أَيْضًا إنَّمَا هُوَ فِي قِصَّةِ الْعَجْلَانِيِّ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فِي حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ سَعْدِ إنَّهُ قَالَ: "فَحَضَرْت هَذَا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْنِي قِصَّةَ الْعَجْلَانِيِّ فَمَضَتْ السُّنَّةُ فِي الْمُتَلَاعِنَيْنِ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَهُمَا ثُمَّ لَا يَجْتَمِعَانِ أَبَدًا"، فَأَخْبَرَ سَهْلٌ وَهُوَ رَاوِي هَذِهِ الْقِصَّة أَنَّ السُّنَّةَ مَضَتْ بِالتَّفْرِيقِ وَإِنْ لَمْ يُطَلِّقْ الزَّوْجُ; وَفِي حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قِصَةِ هِلَالِ بْنِ أمية أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَهِلَالٌ لَمْ يُطَلِّقْ امْرَأَتَهُ، فَثَبَتَ أَنَّ التَّفْرِيقَ بَيْنَهُمَا بَعْدَ اللِّعَانِ وَاجِبٌ. وَأَيْضًا فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ وَغَيْرِهِ فِي قِصَّةِ الْعَجْلَانِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا، وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا ثُمَّ طَلَّقَهَا هُوَ ثَلَاثًا فَأَنْفَذَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِيهِ أَنَّهُ قَالَ: "لَا سَبِيلَ لَك عَلَيْهَا".
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute