للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{الم غُلِبَتِ الرُّومُ} [الروم: ١ -٢] وَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "زِدْ فِي الْخَطَرِ وَأَبْعِدْ فِي الْأَجَلِ" ثُمَّ حُظِرَ ذَلِكَ وَنُسِخَ بِتَحْرِيمِ الْقِمَارِ. وَلَا خِلَافَ فِي حَظْرِهِ إلَّا مَا رَخَّصَ فِيهِ مِنْ الرِّهَانِ فِي السَّبَقِ فِي الدَّوَابِّ، وَالْإِبِل، وَالنِّصَالِ إذَا كَانَ الَّذِي يَسْتَحِقُّ وَاحِدًا إنْ سَبَقَ وَلَا يَسْتَحِقُّ الْآخَرُ إنْ سُبِقَ. وَإِنْ شَرَطَ أَنَّ مَنْ سَبَقَ مِنْهُمَا أَخَذَ وَمَنْ سَبَقَ أَعْطَى فَهَذَا بَاطِلٌ، فَإِنْ أَدْخَلَا بَيْنَهُمَا رَجُلًا إنْ سَبَقَ اسْتَحَقَّ، وَإِنْ سُبِقَ لَمْ يُعْطَ فَهَذَا جَائِزٌ، وَهَذَا الدَّخِيلُ الَّذِي سَمَّاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُحَلِّلًا. وَقَدْ رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ: "لَا سَبَقَ إلَّا فِي خُفٍّ أَوْ حَافِرٍ أَوْ نَصْلٍ". وَرَوَى ابْنُ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَنَّهُ سَابَقَ بَيْنَ الْخَيْلِ". وَإِنَّمَا خَصَّ ذَلِكَ; لِأَنَّ فِيهِ رِيَاضَةً لِلْخَيْلِ وَتَدْرِيبًا لَهَا عَلَى الرَّكْضِ، وَفِيهِ اسْتِظْهَارٌ وَقُوَّةٌ عَلَى الْعَدُوِّ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} رُوِيَ أَنَّهَا الرَّمْيُ {وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ} [الأنفال: ٦٠] ، فَظَاهِرُ قَوْلِهِ: {وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ} [الأنفال: ٦٠] يَقْتَضِي جَوَازَ السَّبَقِ بِهَا لِمَا فِيهِ مِنْ الْقُوَّةِ عَلَى الْعَدُوِّ، وَكَذَلِكَ الرَّمْيُ.

وَمَا ذَكَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ تَحْرِيمِ الْمَيْسِرِ وَهُوَ الْقِمَارُ يُوجِب تَحْرِيمَ الْقُرْعَةِ فِي الْعَبِيدِ يُعْتِقُهُمْ الْمَرِيضُ ثُمَّ يَمُوتُ; لِمَا فِيهِ مِنْ الْقِمَارِ وَإِحْقَاقِ بَعْضٍ، وَإِنْجَاحِ بَعْضٍ; وَهَذَا هُوَ مَعْنَى الْقِمَارِ بِعَيْنِهِ. وَلَيْسَتْ الْقُرْعَةُ فِي الْقِسْمَةِ كَذَلِكَ; لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَسْتَوْفِي نَصِيبَهُ لَا يُحَقِّقُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ; والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>