للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ التَّصَرُّفِ فِي مَالِ الْيَتِيمِ

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ} . قَالَ أَبُو بَكْرٍ: الْيَتِيمُ الْمُنْفَرِدُ عَنْ أَحَدِ أَبَوَيْهِ فَقَدْ يَكُونُ يَتِيمًا مِنْ الْأُمِّ مَعَ بَقَاءِ الْأَبِ، وَقَدْ يَكُونُ يَتِيمًا مِنْ الْأَبِ مَعَ بَقَاءِ الْأُمِّ; إلَّا أَنَّ الْأَظْهَرَ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ هُوَ الْيَتِيمُ مِنْ الْأَبِ، وَإِنْ كَانَتْ الْأُمُّ بَاقِيَةً، وَلَا يَكَادُ يُوجَدُ الْإِطْلَاقُ فِي الْيَتِيمِ مِنْ الْأُمِّ إذَا كَانَ الْأَبُ بَاقِيًا. وَكَذَلِكَ سَائِرُ مَا ذَكَرَ اللَّهُ مِنْ أَحْكَامِ الْأَيْتَامِ إنَّمَا الْمُرَادُ بِهَا الْفَاقِدُونَ لِآبَائِهِمْ وَهُمْ صِغَارٌ، وَلَا يُطْلَق ذَلِكَ عَلَيْهِمْ بَعْدَ الْبُلُوغِ إلَّا عَلَى وَجْهِ الْمَجَازِ لِقُرْبِ عَهْدِهِمْ بِالْيُتْمِ. وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الْيَتِيمَ اسْمٌ لِلْمُنْفَرِدِ تَسْمِيَتُهُمْ لِلْمَرْأَةِ الْمُنْفَرِدَةِ عَنْ الزَّوْجِ يَتِيمَةً سَوَاءً كَانَتْ كَبِيرَةً، أَوْ صَغِيرَةً; قَالَ الشَّاعِرُ:

إنَّ الْقُبُورَ تَنْكِحُ الْأَيَامَى ... النِّسْوَةَ الْأَرَامِلَ الْيَتَامَى

وَتُسَمَّى الرَّابِيَةُ يَتِيمَةً لِانْفِرَادِهَا عَمَّا حَوَالَيْهَا; قَالَ الشَّاعِر يَصِفُ نَاقَتَهُ:

قَوْدَاءُ يَمْلِكُ رَحْلَهَا ... مِثْلُ الْيَتِيمِ مِنْ الْأَرَانِبِ

يَعْنِي الرَّابِيَةَ. وَيُقَالُ: دُرَّةٌ يَتِيمَةٌ; لِأَنَّهَا مُفْرَدَةٌ لَا نَظِيرَ لَهَا. وَكِتَابٌ لِابْنِ الْمُقَفَّعِ في

<<  <  ج: ص:  >  >>