الجواب: الله سبحانه وتعالى حرم الخمر على التدريج، فلما كان الناس في أول الإسلام مغرقين في شرب الخمر، ولا يستطيعون تركه بالكلية إلا بالتدريج شيئًا فشيئًا، الله جل وعلا من حكمته حرمه على التدريج.
ففي أول مرحلة قال سبحانه وتعالى:{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا} ، هذا في الأول، أول مرحلة، فبين الله سبحانه وتعالى أن ضرر الخمر أكثر من نفعه، والعاقل إذا عرف أن ضرر الشيء أكثر من نفعه، فإنه يبتعد عنه؛ لأن الإنسان لا يريد لنفسه أن يأخذ شيئًا، أو يتناول شيئًا ضرره أكثر من نفعه، فالعاقل عندما يسمع هذه الآية، فإنه سيترك الخمر والميسر؛ لأن العقل يأمره بذلك لأن مفسدته راجحة، والعاقل لا يقدم على شيء مفسدته راجحة.
ثم في المرحلة الثانية حرمه عليهم في بعض الأوقات، وهي الآية التي في سورة النساء، وهي قوله تعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ}[النساء: ٤٣] ، فحرمه عليهم في وقت، وهو وقت الصلوات، وإذا كان يحرم على المسلم أن يشرب الخمر في وقت الصلاة، مع أن الصلوات تكرر في اليوم والليلة خمس مرات، فهذا يأخذ عليه وقتا طويلا يحرم عليه فيه شرب الخمر في اليوم والليلة، فيكون قد خفت عليه وطأة الخمر واعتياد الخمر؛ لأنه سيتركه في فترات خمس من اليوم والليلة، فحينئذ تخف وطأته عليه، ثم إنه جل وعلا بعد